الرئيس باراك نتنياهو - روبرت فيسك - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 7:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرئيس باراك نتنياهو

نشر فى : الإثنين 26 سبتمبر 2011 - 8:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 26 سبتمبر 2011 - 8:35 ص

كنت هناك على طريق الآلام أتحدث إلى رجل فى منتصف العمر يرتدى تى شيرت أحمر ويضع سجادة الصلاة تحت ذراعه اليسرى. سألته عن رؤيته لخطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما فإذا به يبتسم ابتسامة عريضة كأنه قد فطن إلى ما توقعت أن يرد به، وقال: «ماذا تتوقع؟».. قلت فى نفسى تخمين صحيح.

 

كانت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية قد تحدثت هذا الأسبوع عن خطاب «الرئيس باراك نتنياهو» (المدافع عن إسرائيل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة)، حينما قالت إن وزير الخارجية الإسرائيلى العنصرى ليبرمان قال إنه كان سيوقع على خطاب الرئيس الأمريكى بكلتا يديه. لقد فكرت مليا فى القدس.. فإن أوباما يسعى حقا للانتخابات، ولكن انتخابات الكنيست الإسرائيلى.

 

لكن ما كان يدهشك فى شوارع القدس هو الشعور الكئيب بالتسليم. وكانت الصحف الإسرائيلية قد حذرت من اندلاع عنف جماعى، لكن الحشود التى ظهرت لأداء صلاة الفجر فى المسجد الأقصى وضعت ببساطة سجاجيدها على الطريق السريع المتاخم للبوابة الدمشقية للمسجد.

 

قد يحركهم استخدام الولايات المتحدة لحق النقض «الفيتو» ولكن أشك. ما شاهدته فى القدس كان أشبه بما شاهدته فى العراق عقب نشر صور التعذيب فى سجن أبوغريب، حيث كان الأمريكيون حريصين على أن تكون عدد الصور المنشورة محدودة؛ خشية رد فعل العراقيين، إلا أننى كنت فى بغداد فى هذا اليوم ولم يعبر أحد عن أى شكل من أشكال الغضب الاستثنائى. وأدركت على الفور أن العراقيين جميعا يعرفون سجن أبوغريب جيدا، فهم الذين تعرضوا للتعذيب فيه.

 

فمن قبل شاهد الفلسطينيون القبول الأمريكى للاحتلال الإسرائيلى، أطول احتلال فى العالم، بل إنهم يعرفون كل شىء عن عذابات هذا القبول. فالغربيون وحدهم هم الذين يشعرون بالرعب من مشاهد التعذيب والنفاق الأمريكى لإسرائيل.

 

الفلسطينيون تقبلوا حتى السيادة الإسرائيلية على صلاة الفجر، فلا يجوز لأحد أصغر من 50 عاما أن يصلى داخل ساحات الأقصى، وبالتالى يصلى الكثيرون خارج المسجد. وعلى الحاجز الحديدى، لم يطلب منى الشرطى حتى بطاقتى الصحفية.. فقط انتفض وسحب الحاجز جانبا بينما طواقم القنوات التليفزيونية تصور الجنود الإسرائيليين وبنادقهم وهرواتهم وهم غير مبالين تماما بهذه الكاميرات، وهو أمر يشير بشكل أكبر إلى عدوانيتهم وتعجرفهم إذ إن رجال الشرطة المسلحين عادة ما يرفضون الكاميرات.

 

كذلك الحال بالنسبة للمستوطنين فى الضفة الغربية الذين يخفون وجههم خلف الأوشحة وهم يهاجمون الفلسطينيين ويكتبون على جدران المسجد فى القصرة على بعد 30 ميلا من الضفة الغربية باللغة الغبرية «محمد خنزير».

 

أيضا الجدار الاسرائيلى الهائل والبغيض والذى يشق طريقه بصعوبة بين الأراضى والذى يؤذى أعين كل فلسطينى وإسرائيلى يراها. الغريب أننا كغربيين توقفنا عن الحديث عن هذا الأمر والتنديد به.

 

انتهت بعد ذلك الصلاة فى الأقصى، حيث كانت الشرطة مستعدة للعودة وأصحاب المتاجر والأكشاك بدأوا يفتحون متاجرهم. أتت سيدة فلسطينية وبدأت تفترش ملابس أطفال وأحذية بلاستيكية على طاولتها، وحينها أتاها جندى إسرائيلى يطالبها بنقل صناديقها ثلاثة أقدام من الشارع.

 

لم يكن هناك أى سبب يبدو أنه كان متململ المزاج، إلا أن السيدة العجوز بدأت تصرخ بالعربية: «الأمر كله انتهى» وهى تقصد على ما يبدو أن الأمر كله انتهى بالنسبة للفلسطينيين أو ربما الإسرائيليين، ثم ضحك الجندى وكرر كلماتها بالعربية: «نعم انتهى كل شىء».

 

ثم ذهب بعد ذلك ليعنف المرأة ويركل صناديقها بينما كانت هى تصيح أثناء مرور مجموعة من السياح يتابعون جميعهم المشهد، ولكنهم تابعوا السير دون أن يتدخلوا كما لو أن هذا المشهد البائس هو جزء طبيعى من الحياة فى القدس.

التعليقات