لماذا يتعاطف العرب مع بوتين؟ - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يتعاطف العرب مع بوتين؟

نشر فى : الثلاثاء 25 يوليه 2023 - 6:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 25 يوليه 2023 - 6:45 م

منذ بداية الغزو الروسى لأوكرانيا فى 24 فبراير 2022 وكلما التقيت مسئولا أوروبيا أو صحفيا أو مفكرا وتطرق الحديث للحرب الدائرة فى شرق أوروبا إلا ويلقى علىّ هذا السؤال: لماذا تتعاطف الشعوب العربية مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين؟ ثم يستطرد مستنكرا: هل للدعاية الروسية هذا التأثير الرهيب عليكم؟! فى هذا السياق أيضا صرح وزير خارجية دولة عضو فى الاتحاد الأوروبى وكاد يصرخ بأعلى صوته: الاتحاد الأوروبى أكبر مانح للمساعدات الإنسانية والإنمائية للدول الفقيرة فى العالم ينظر إليه على أنه «إمبريالى» فى الوقت الذى ترى فيه الكثير من شعوب هذه الدول بوتين بطلا؟! هل يعقل هذا؟!
صار السؤال مطروحا بقوة على مستويات عديدة فى أوروبا وأمريكا: لماذا تتعاطف الشعوب العربية خصوصا والإسلامية عموما مع روسيا ومع بوتين؟
فى محاولاتهم الإجابة عن السؤال يتوجهون مباشرة إلى أحد أهم أسباب ذلك التعاطف مع الرئيس الروسى.. فيرجعونه إلى تصور نمطى يعود إلى الحقبة الامبريالية التى احتلوا فيها البلدان العربية والأفريقية، ويحمل هذا التصور قدرا كبيرا من الإهانة لشعوبها، ففيه يقولون: إن هذه الشعوب جبلت على الإعجاب بالرجال الأقوياء أى المستبدين (راجع على سبيل المثال دراسة معهد كارنيجى: بوتين وتعاطف العرب مع حكم الرجل القوى).
لماذا يتعاطف العرب مع بوتين؟.. أجيبهم بموقف واحد بعيدا عن سردية ماضيهم الاستعمارى ودعم روسيا للعرب ضد إسرائيل لفترات طويلة، وهو أن بوتين ــ الذى له مطامع فى العالم العربى شأنه شأن الغرب ــ لم يصمت على حرق القرآن الكريم.. أو لم يعتبره من قبيل «حرية التعبير». فبعد أن أقدم المواطن السويدى ذو الأصل العراقى الأشورى سلوان موميكا بحرق المصحف الشريف يوم عيد الأضحى المبارك فى ستوكهولم، أكد بوتين أن إهانة القرآن فى روسيا «جريمة.. هذا المصحف مقدس عند المسلمين، ومقدس أيضا عند الآخرين. نعلم أن بعض البلدان الأخرى يتصرفون بصورة مختلفة، ومنهم من لا يحترم المشاعر الدينية للناس ويقولون إنها ليست جريمة».
وهو ما استدعى إشادة به وبموقفه من الأزهر الشريف بما له من مكانة لدى العرب والمسلمين، فقال فى بيان: «يحيى الأزهر الموقف الشجاع الذى وقفه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وهو يحمل المصحف، ويُدافع عن مقدسات المسلمين، ويعبر عن احترامه للإسلام».
إن موقف بوتين من حرق المصحف الشريف، كفيل بأن يبطل مفعول كل المبالغ الضخمة التى ينفقها الغرب لتشويهه فى إطار الدعاية والدعاية المضادة فى سياق الصراع على المصالح بين الغرب وروسيا ليس فى أوروبا وحدها ولكن فى كل بقعة من بقاع الأرض. الحقيقة أنه بموازاة من يصمتون على جريمة حرق القرآن الكريم وإهانة المشاعر الدينية لمليار مسلم يجب أن نشيد بالأمم المتحدة التى خصصت يوم 15 مارس من كل عام بداية من سنة 2021 باعتباره «اليوم العالمى لمكافحة كراهية الإسلام» (الإسلاموفوبيا)، وتشدد وثيقة القرار على أن «الإرهاب والتطرف العنيف لا يمكن ولا ينبغى ربطهما بأى دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية». كما تدعو الوثيقة «إلى تشجيع إقامة حوار عالمى بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات، استنادا إلى احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات».
وبمناسبة أول احتفال بهذا اليوم العالمى سنة 2021، أشار السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى أن «التعصب ضد المسلمين هو جزء من تيار أوسع لعودة ظهور القومية العرقية والنازية الجديدة ووصمة العار وخطاب الكراهية الذى يستهدف الفئات السكانية الضعيفة بمن فى ذلك المسلمون واليهود وبعض الأقليات المسيحية وغيرها»، مشيرا إلى أن «القرآن الكريم يذكرنا بأن الشعوب والقبائل خُلقت لتتعارف، وأن التنوع ثراء وليس تهديدا».
فى 15 مارس الماضى أشار جوتيريش فى رسالته إلى العالم إلى تقرير صدر أخيرا عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنى بحرية الدين أو المعتقد جاء فيه «أن الشك والتمييز والكراهية الصريحة تجاه المسلمين قد وصلت إلى أبعاد وبائية». (التقرير منشور على موقع الأمم المتحدة على الإنترنت).

التعليقات