دينا عسل تكتب: فوبيا تجار الدين - منبر الشروق - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:17 م القاهرة القاهرة 24°

دينا عسل تكتب: فوبيا تجار الدين

نشر فى : الإثنين 13 مايو 2013 - 10:40 م | آخر تحديث : الإثنين 13 مايو 2013 - 10:40 م
دينا عسل
دينا عسل

إن كلمة "فوبيا" المقصود بها الخوف اللامنطقي، وتعني بالضبط حالة من الخوف المبالغ فيه وغير المنطقي أمام ظاهرة مّا نتيجة خلل في الشخصية يؤدي إلى حالة من الفزع الشديد والقلق المتواصل، ويكون فيها المريض مدركا تماماً أن الخوف الذي يصيبه غير منطقي، فالخوف المنطقي يعتمد على معطيات ويقوم على حسابات تراعي الواقع وتقيمه، أما الفوبيا فلا تعتمد على أي مما سبق فهي خوف لمجرد الخوف.

 

وعلى هذا الأساس، يمكن فهم مصطلح "الإسلاموفوبيا" أو "فوبيا الإسلاميين"، المصطلح الذي كان بداية استخدامه في أوروبا في السبعينات كشكل من أشكال العنصرية التي كانت تستخدم ضد الأقلية المسلمة على أنه خوف من الإسلام بشكل غير مبرر، مما يؤدي إلى اتخاذ مواقف عدائية تجاه الإسلام والمسلمين دون مبرر حقيقي أو واقعي، ولكن ظهر هذا المصطلح مؤخرا في المجتمعات العربية المسلمة كتهمة يمكن إلصاقها بمن يعترض على سياسات تيارات الإسلام السياسي.

 

السبب في انتشار مصطلح "الإسلاموفوبيا" أو "فوبيا الإسلاميين" بيننا الآن على الرغم من أننا نعيش في مجتمع أغلبيته مسلمين هو أن هناك خلط كبير في فهم معنى "الإسلاموفوبيا" أو الخوف من الإسلاميين، وبين "فوبيا تجار الدين" أو الخوف من تجار الدين، إن صح التعبير، لأن الخوف منهم قد يكون مبرراً، لذا فالخوف من تجار الدين لا يمكن اعتباره أبدا أحد أنواع الفوبيا المرضية لأنه خوف منطقي وفقا لمعطيات قام بها البعض ممن حاولوا السطو على المناصب السياسية أو يحاولون الحصول على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية ويجبرون الناس على الخضوع للسلطة عن طريق الثواب والعقاب.

 

على الرغم من أنه لا يصح أبداً أن يتم إطلاق مثل هذا المصطلح "الإسلاموفوبيا" أو "فوبيا الإسلاميين" على أي مصري أو عربي مادمنا نعيش داخل مجتمع إسلامي، إلا أن تشبث البعض بالرأي المغلوط وعدم الوعي الكافي بأسس الإسلام الصحيحة المستنيرة ومبادئه الهادفه- جعل تجار دين هذا العصر الحديث يضعون لأنفسهم فتاوى بدون شرعية ولا أسس يكفرون هنا وهناك، معلنين آراء هدامة لا تنتمي إلى ديننا الحنيف.

 

تجار دين هذا العصر فكروا في مصالحهم السياسية تحت راية الإسلام، وقاموا بخلط الدين بالسياسة، وحولوا المساجد من مجرد دور عبادة إلى وسيلة يتم الترويج من خلالها لأفكار سياسية معينة، كما أي تاجر يستغل مكان ما ليروج لبضاعاته، كما اتخذوا الشعارات الإسلامية لتغفل البرامج المحددة وتقصى الآخر والحديث عن الجنة والنار في توجيه العمليات الانتخابية، وما ساعدهم في ذلك أن هناك قاعدة كبيرة من الناس البسطاء الذين يتأثرون كثيرا بمن يحدثهم عن الدين، ولا يدركون في حقيقة الأمر أنهم يُضلونهم الطريق.

 

لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون، ونعيش في مثل هذه الأوضاع المتردية اقتصادياً وثقافياً وتعليمياُ وصحياً. لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ويكون هناك جو مشحون بالصراعات ليس مع العلمانيين فحسب، بل مع تيارات الإسلام السياسي نفسها، فأصبح هناك تفككات وانقسامات جعلت المواطن يشعر بالغربة داخل بلده. لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ونرى حقوق شهدائنا سواء شباب الثوار أو جنود رفح الذين أريقت دمائهم قد ضاعت بعدما أقسموا على القصاص لهم.

 

لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ونرى أحداث الفتنة التي تحدث لأن هناك من لم يراعوا الله في أقوالهم وأفعالهم ولم يدركوا أن الفتنة أشد من القتل. لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون وتغيب عنا العدالة ويكون هناك تعدي على القضاء والقضاه وتنتهك حرمة المحاكم. لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ويكون هناك كبت للحريات وسجن النشطاء السياسيين الذين أتوا بهم إلى الكراسي وكأنهم يردون إليهم الجميل - ولكن - على طريقتهم الخاصة.

 

لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ويكون هناك ولو مجرد نية في التفريط في أي قطعة أرض مصرية. لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ويغيب الأمن وتنتهك الأعرض في الشوارع ويتم التعدي على الفتايات والنساء. لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ويكون هناك سعي وراء قروض ربوية تملي شروطاً مجحفةً، والحديث عن أنها ليست ربوية وأنها مجرد مصاريف إدارية.

 

لا أحد يتصور أن يحكمنا إسلاميون حقيقيون ويُقتل الرجال والنساء والأطفال في سوريا دون ردة فعل حقيقية، وأن تتعرض سوريا للقصف من قبل إسرائيل ويعرض أيضا المسجد الأقصى للاعتداءات الإسرائيلية ولا أحد يحرك ساكنا. فتجار الدين هم من يقدمون صورة خاطئة عن الإسلام وهو ما قد يختزل الإسلام في ممارسات لا تنتمي له في شيء لما فيها من إنكار لقيم الإسلام السمحة مما أدي إلى أن وصل البعض - للأسف - بالحنين إلى الماضي برغم سلبياته وكراهية المستقبل.

 ولكن على الجميع أن يدرك أن المواطن في المجتمع له حقوقاً فردية باعتباره فرداً وليس باعتباره جزءاً من جماعة أو تيار معين.

شارك بتعليقك