مطالبات الرئيس الأمريكى بالمعادن الثمينة الموجودة فى أوكرانيا ــ كتعويض عن الأسلحة التى باعتها الولايات المتحدة لها بمبلغ 500 مليار دولار ــ سلط الضوء على أهمية المعادن النفيسة للعالم الغربى وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، لأن كثيرا منها يدخل فى الصناعات الحديثة والإلكترونية وغيرها، فلم يعد البترول والغاز هما المطمع الوحيد بل المعادن أيضا.
تمتلك أوكرانيا قرابة 5% من الاحتياطى العالمى من المعادن النادرة، بما فى ذلك الليثيوم والتيتانيوم، وهو معدن خفيف الوزن ومقاوم للتآكل يستخدم فى بناء الطائرات والأدوات الجراحية والأجهزة المتطورة، وهو الأمر الذى أثار اهتمام الولايات المتحدة بالوصول إليها من خلال المساعدات العسكرية السخية التى أغدق عليها الرئيس السابق بايدن تأجيجا للحرب ضد روسيا.
تسلط هذه الصفقة الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهذه المعادن، وتفتح الأبواب لتوسيع التعاون أو المطامع بين بلاد العالم فى مجالات متعددة، مع التأثيرات المحتملة على العلاقات الدولية والمشهد الجيوسياسى العالمى، خاصة أن المعادن النادرة أصبحت ضرورية لكل قطاعات الاقتصاد العالمى على نطاق واسع، مما يلفت الانتباه بشكل كبير إلى البلاد التى تمتلك هذه الموارد الحيوية ومنها مصر والدول العربية والأفريقية بالإضافة الأحجار والماس.
فى رأى الخبراء، أحرز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انتصارا فى واحدة من أكبر المعارك الاقتصادية التى يشهدها العالم حاليا، بعد أن أعلن عن زيارة فولوديمير زيلينسكى، الرئيس الأوكرانى، للبيت الأبيض يوم الجمعة الماضى، لإبرام صفقة تتضمن التطوير والإنتاج المشترك للمعادن النادرة فى أوكرانيا، وهو مطلب الرئيس الأمريكى، لاسترداد مئات المليارات من الدولارات كأنه وفاء للدين التى قدمتها الولايات المتحدة لها أثناء الحرب الروسية الأوكرانية.
تتصدر ثروات أوكرانيا من المعادن النادرة العنوان الأبرز فى صفقة ضخمة على طاولة اللقاء بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بالبيت الأبيض، بالتزامن مع جولة جديدة من مباحثات التقارب الروسى ــ الأمريكى فى إسطنبول والتى محتواها إلى الآن من وراء ظهر زيلينسكى وأوروبا، مما تسبب فى توتر العلاقات بين الجميع.
أهمية المعادن النادرة الموجودة فى باطن الأرض والتى تتمتع بخصائص فريدة مثل القدرات المغناطيسية والتوصيل الكهربائى ومقاومة التآكل يجعلها جزءا لا يتجزأ من كل ما يُصنع، بداية من الهواتف الذكية وأنظمة توجيه الصواريخ والشرائح الإلكترونية. كما أضافت أهميتها للتكنولوجيا قيمة خاصة ومتزايدة فى الاقتصاد العالمى، مما أشعل شرارة صراعات من نوع جديد يمكن أن نطلق عليها حروب الموارد أو حروب المعادن النفيسة.
يجب ألا ننسى أن بلادنا مصر يتمتع باطنها بهذه المعادن، على سبيل المثال لا الحصر، الذهب والفضة والنحاس والحديد والموليبدينوم والتنتالوم والليثيوم الموجودة فى مناجم كالسكرى فى الصحراء الشرقية وحمامة فى سيناء وغيرها، ومصر من بين الدول العربية والإفريقية التى تمتلك العديد من هذه المعادن النفيسة وغيرها مما يجعلها مطمعا لكثيرين، وهذه طريقة الاستعمار الحديث وهو حيازة المقدرات الاقتصادية للغير، فالمعادن الثمينة فى مصر هى ملك للشعب المصرى منذ قديم الأزل، وستبقى هكذا، وذلك لخير شعبها.