** إنها المجموعة السادسة فى بطولة أوروبا 2020، التى ضمت منتخبات فرنسا، وألمانيا، والبرتغال، والمجر. وأجمع خبراء كرة القدم فى العالم والكوكب والمجموعة الشمسية درب التبانة أن البطل سيكون من هذه المجموعة، التى شهدت وجود ألمانيا وفرنسا والبرتغال معا لأول مرة فى تاريخ بطولة أوروبا، ولم تكن المجر فى الحسابات طبعا. إلا أن دور الستة عشر فى بداية الأدوار الإقصائية، شهدت خروج جميع أعضاء مجموعة الموت فى تأكيد على أن النظريات لا تصلح لكرة القدم، وأن التاريخ لا يشفع للحاضر. وأن التصنيف الخاص بالفيفا ليس مقياسا، وأن الفوز فى مباريات التصفيات وتحقيق العلامة الكاملة من أخطر المعايير التى يستند عليها محلل أو خبير، لأن المنتخب المتصدر قد يواجه منتخبات أوروبا الضعيفة.
** البطولة كلها مفاجآت، سقطت ألمانيا أمام إنجلترا، وخرجت فرنسا أمام سويسرا، ونجت إسبانيا أمام كرواتيا وكتبت لها الحياة فى البطولة. وسقطت البرتقالة الهولندية أمام التشيك، وأخرج هازارد نجم بلجيكا البرتغال من البطولة. وهزمت أوكرانيا السويد. وكانت التوقعات والترشيحات وضعت فرنسا كمرشحة أولى للقب وبعدها إنجلترا. وكان غريبا وضع الإنجليز قبل بلجيكا مثلا، لكنها توقعات بنيت على حسابات رقمية فى أربع جامعات أوروبية، وعلى العلم أن يثبت أن رؤيته سليمة بفوز الإنجليز باللقب الدولى الثانى فى تاريخ ممارستهم للعبة كرة القدم منذ مائتى عام.
** هل كرة القدم لعبة عادلة؟ للوهلة الأولى لن تجدها عادلة، فالحظ أحيانا يحالف فريق ويعوق نجاح فريق، نقول أحيانا، وربما نادرا، حتى لا يجد بعضهم الحظ عكازا يتكئ عليه كلما فشل. لكن من عدالة كرة القدم أنها تمنح المهزوم فرصة أخرى وثانية وثالثة لمواجهة الفوز وتحقيق انتصار ما عليه فى يوم ما وفى مناسبة ما وفى بطولة ما. وبهذا المنطق سوف تريحك نظرية العدالة فى كرة القدم. فهى ليست رياضة مجالدين رومان، ينتصر فيها المبارز حين يقتل غريمه، ويعلن المبارز مهزوما لحظة مقتلة، وكانت تلك المبارزات الهمجية من وسائل الإثارة وتسلية القيصر وكبار رجال روما القديمة على مسرح الكوليزيوم. ومن حسن الحظ أن مسارح كرة القدم ليس مثل الكوليزيوم، وأن اللعبة ليست لعبة «حياة أو موت» كما يردد نقاد وخبراء ومحللون منذ عشرات السنين..!
** الليلة سويسرا مع إسبانيا، وبلجيكا مع إيطاليا. وغدا التشيك مع الدنمارك وإنجلترا مع أوكرانيا.. هل يمكن توقع أى نتيجة؟ هل فوز إيطاليا مضمونا على بلجيكا وهل فوز إنجلترا متوقعا على أوكرانيا؟ إن لعبة كرة القدم فى أفضل وأجمل تعريفاتها أنها «مطاردة بشرية» فيما يشبه حركة الصيد التى مارسها الإنسان منذ قديم الزمان. وعندما كان الإنسان يخرج للصيد مطاردا حيوان لقتله، كى يأكل ويحيا، فإنه لا يتوقع أبدا حركة الحيوان فإلى أين يجرى وإلى أين يتجه، لكنه فى لحظة ما كان يطلق رمحه ويقتل صيده ويعود به إلى كهفه ولو كرر الأمر ألف مرة فإنه لا يمكن أن يصل إلى صيده المختلف والجديد فى نفس موقع ضحيته الأولى.. وربما تلك هى كرة القدم. لكل مباراة سيناريو مختلف، وقصة مختلفة، وضحية مختلفة، وصياد مختلف!