** الآن، وقبل الآن نطمع فى البطولة.. والآن وقبل الآن نسينا الاستحواذ، والطريقة، والخطط، والفنيات.. الآن وقبل الآن الهدف واحد.. هو الكأس.. هو الأميرة الإفريقية.. ولايهم كيف نفوز.. المهم أننا نفوز، وفى أحيان كثيرة يتخلى المحللون عن الطريقة والخطة. بل هم دائما يتخلون عن الطريقة والخطة فى لحظات المجد والانتصار التى يحققها أى فريق.. فالتاريخ يتذكر منتخب إيطاليا بطل مونديال 1982.. ويتذكر التاريخ الدنمارك بطلة أمم أوروبا 1992.. والبرتغال بطلة 2016.. التاريخ يتذكر ويحتفى بالبطل.. ومع ذلك مهما كانت نتيجة المباراة النهائية أشد على يد كل لاعب فى المنتخب وكل عضو بالجهاز.. تحية لهذه الروح وهذا النضال فى كل مباراة.. وهو نضال تحركه مشاعر وطنية، ورغبة فى إسعاد الناس وبث ونشر الفرحة فى ربوع مصر.. نشكركم.
** فرحة اللاعبين بعد الفوز على بوركينا فاسو كانت جزءا من فرحة المصريين وسببها الواحد أنهم أسعدوا المصريين، الأغلبية الكاسحة من المصريين.. والذين يقولون فى سياق أفكار فلاسفة السياسة، والمعارضة: «نفسنا فى حاجة تانية غير الكورة تفرح المصريين».. أرد عليهم بما يلى:
** أولا: مش هى دى القضية.. وإنما هى الفرحة ذاتها، وتحليل أسبابها العميقة، وأول وأهم سبب هو الانتماء للأرض والوطن والفريق.. وهذا أمر طبيعى. فاللاعبون بالنسبة للجمهور يجسدون فكرة البطل. وهم أبطال بالنيابة عن جمهورهم.. وهذا من أسباب فرحة كل شعوب العالم بانتصارات كرة القدم.. ثم بعد ذلك وقبل ذلك.. لماذا لا ترون ولم تروا فرحة اليابانيين والكوريين لمجرد الفوز بمباراة أو لتنظيم بطولة. ولماذا لم تروا فرحة الألمان عباقرة التحضر والاقتصاد وهم يحتفلون بالملايين ويخرجون إلى الشوارع فرحا بالمركز الثالث فى مونديال 2006..؟ ولماذا لاترون ولم تروا فرحة الأمة الفرنسية..
كرة القدم ظاهرة رياضية واجتماعية وسياسية؟ لماذا لا ترون فرحة شعوب العالم الغنية والفقيرة والقوية والضعيفة وهى تخرج بالملايين فرحا بانتصارات منتخباتها؟
** ثانيا: شعوب العالم كلها تخرج بالملايين لسببين فقط لا ثالث لهما، انتصارات كرة القدم.. أو لتغيير أو تأييد واقع سياسى.. لا لشىء ثالث.. فهل رأيتم الألمان يحتفلون بالنلايين لقوة اقتصادهم.. هل هناك شىء يحرك الناس للخروج والفرحة مثل كرة القدم؟
** ثالثا: القضية هنا أن المباريات تجرى بالنسبة للبشرية كلها فى ميادين مبارزة حضارية ومشروعة، وانتصاراتها تمس الكبرياء الوطنى للشعوب.. وحتى لو كانت هناك شعوب ثرية واقتصادات بلادها قوية، وحتى لو كانت تشهد معارضات سياسية، فإن الشعور الوطنية الكامن ينفجر فى لحظات الانتصار، ويوحد الناس أو يدفع المواطن إلى المتابعة والانتظار بحثا عن هذا الانتصار.. فكرة القدم تفرح كل شعوب العالم وليس المصريين وحدهم.. وهى فى مبارياتها وفلسفتها أعمق بكثير مما ترونه فوق سطح الملعب..
** المهم.. الآن، وقبل الآن نطمع فى البطولة.. والآن وقبل الآن نسينا الاستحواذ، والطريقة، والخطط، والفنيات.. وهكذا فعلنا أمام منتخبات تألقت أمامنا مثل المغرب وغانا وبوركينا.. الآن وقبل الآن الهدف واحد.. ونسأل الله أن يتحقق باللعب، والجد، والدعاء.. إن صيحة يارب هزت الشوارع والميادين ومراكز الشباب والأندية فى لحظة ضربات الجزاء.. وأتخيل أن مدربى المنتخبات الخمسة، مالى، وأوغندا، وغانا، والغرب وبوركينا فاسو عقدوا اجتماعا فى محاولة لفهم ما جرى لكل منهم ولفريقهم أمام منتخب مصر.. وكل منهم سأل سؤالا واحدا: إزاى؟!