شاء قدرى أن أكون فى تونس وقت مباراة الترجى ومازيمبى؛ ورغما عن انشغالى بما كنت مسافرا له كنت حريصا على أن أرصد مشاعر الأصدقاء التونسيين بعد أن انتهت المباراة بخمسة أهداف.

وكمراقب لتوجهات الناس السياسية اكتشفت أن الكثير منا ومنهم يأخذ كرة القدم بجدية شديدة وكأن العلاقات التونسية المصرية (ومن قبل الجزائرية المصرية) هى رهن بنتائج مباريات كرة القدم، أو كما قالت مسئولة جزائرية أمامى «ربى يستر على أى لقاء رياضى مصرى جزائرى آخر».

قال لى مهدى، وهو صديق تونسى، إن التوانسة يحبون مصر والمصاروة (أى المصريين) ولكنه شخصيا يكره ما يقرأه من تعليقات سواء من المصريين أو التونسيين أو الجزائريين على كرة القدم وكأن هناك «غل وتشفٍ» طبعا أنا ذكرته بأن هذه المشاعر موجودة حتى داخل الدولة الواحدة بين فرقها، وأن هذا قطعا لا يبرر شيوعها لكن هذا يفسر بأنها لا تعنى بالضرورة كراهية ضد الدولة الأخرى أو شعبها أو رموزها.

ذهبت إلى حجرتى وعدت سريعا، فإذا به يفتح صفحة «الشروق» على النت ويقول له: «انظر ماذا تقول الشروق بتاع سى معتز: لعنة الأهلى تحل على الترجى» ثم يتابع قراءة الخبر ليقول: «ويبدو أن لعنة الفراعنة قد حلت على الفريق التونسى بعد أن أقصى الأهلى فى الدور قبل النهائى بهدف من لمسة يد صحيحة».

ويعلق: «طيب ما لاعب الأهلى أدخل هدفا بيده فى مرمى الترجى».
ثم يتابع قراءة تعليقات القراء والتى كان منها: «دعاء المظلوم مستجاب» و«تستاهلوا يا توانسة ألف مبروك على الهزيمة» و«هذه هى عدالة الله» وهناك من هنأ الفريق «المازيمبى الشقيق» ويبدى سعادته بأن التوانسة لم يستطيعوا رشوة الحكم كما حدث من قبل، وغير ذلك كثير.

لكن ما أثلج صدرى وجود بعض المعلقين الذين لديهم بعض الرغبة فى أن تظل أواصر المودة بين الشعبين قائمة مثل: «اقسم اننى حزنت لهزيمة الترجى مثلى مثل آلاف المصريين لأننا نعلم اننا عرب وهذا رد على الكابتن طارق دياب الذى توقع فرح العرب لهزيمة الترجى».

يعتقد مهدى أن الكثير من المعلقين والمذيعين الرياضيين نجحوا فى أن يخلقوا فجوة بين الشعوب العربية والتى هى فى الأصل شعب واحد تفرقت أعلامه واختلطت أولوياته لكن لا ينبغى أن تكون الكرة بما لها من جماهيرية معولًا آخر من معاول تمزيق شعبنا. هذه رسالة «مهدى» العربى من تونس إلينا جميعا.