مصر حزينة لأن وطننا تعرض لهجوم شيطانى فى فكرته، خبيث فى توقيته، دنىء فى أسلوبه، وهو ما يقتضى أن نفتح مسام تفكيرنا كى نسأل الأسئلة الصحيحة التى طالما قرر عدد من المتهالكين فى مواقع المسئولية أن يتجاهلوها.
كمصرى يعيش فى الخارج ويتابع ما تناقشه مراكز التفكير وأجهزة الإعلام الغربية، أزعم أن هذا العمل الدنىء سيكون فاتحة ضغوط قد تؤدى إلى «تدويل قضايانا الدينية» وهو ما ينتج مباشرة عن تقاعس الدولة فى أن تأخذ قضايا «الدين والسياسة» فى مصر مأخذ الجد، وتركتها فى يد الأمن الذى اعتقد أنه حل مشكلة الإخوان بأن أعطى توجيهاته بألا تذكر جماعة الإخوان إلا بذكر «المحظورة» قبلها أو بعدها فى الأجهزة الإعلامية التعبيرية، وحل مشكلة المسيحيين بالتأكيد على أن عدد الكنائس التى بنيت فى عهد الرئيس مبارك أكثر من أى فترة سابقة، وما دون ذلك فالأمن أولى به.
لماذا لا تترك خانة الديانة فى البطاقة والوثائق الرسمية اختيارية من يرد أن يذكر ديانته فليذكرها، ومن لا يريد، فلا تثريب عليه؟
لماذا لا يتم وضع إطار قانونى محكم البناء لتجريم دعاوى الفتنة وتسفيه العقائد الدينية للآخرين؟
لماذا لا يصدر قانون البناء الموحد لدور العبادة على أساس من المواطنة؛ فلا خطر على الإسلام من زيادة عدد الكنائس، ولا خطر على المسيحية من زيادة عدد المساجد؟ والحقيقة أن مصر ليست بحاجة لا لكنائس ولا لمساجد جديدة بقدر حاجتها لمدارس ومستشفيات ومصانع تبنى لوجه الله.
لماذا لا تكون الانتخابات بالقائمة النسبية التى تتيح للجميع (رجالا ونساء، مسلمين ومسيحيين، أغنياء وفقراء) أن يكون لهم نصيب من التمثيل فى المؤسسات المحلية والتشريعية وتتراجع المقولات البالية (بل الغبية) التى تفاضل بين الأفراد بالانتماء الأسرى أو الدينى؟
وللتذكرة هذا عهد الرسول لنصارى نجران: «لنجران وحاشيتها، وسائر من ينتحل النصرانية فى أقطار الأرض جوارُ الله فى ذمة محمد رسول الله على أموالهم وأنفسهم وملتهم وبيعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وأن أذب (أدافع) عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا بما أحفظ به نفسى وخاصتى وأهل الإسلام من ملتى لأنى أعطيتهم عهد الله على أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم».