نشرت صحيفة هاآرتس مقالا للكاتبة أليسون كابلان سومر، توضح فيه أن الحرب الدموية الدائرة فى غزة لن تنتهى خلال أسبوع أو اثنين، فلم تظهر أى علامات عن قرب موعد إسدال الستار على هذا الفصل الدموى حتى الآن. لذا تحذر الكاتبة من أن إطالة أمد هذه الحرب لا يعنى شيئا غير الغرق لإسرائيل. بمعنى آخر، طول أمد الحرب يعنى المزيد من الضحايا وتعريض حياة الأسرى والمحتجزين للخطر.. نعرض من المقال ما يلى.بداية، تؤكد كاتبة المقال أن إسرائيل ما زالت تعانى من الدمار الذى خلفته عملية «طوفان الأقصى»، إذ إن إسرائيل عالقة فى دوامة لا نهاية لها من الأزمات: أعداد الوفيات فى تزايد، لا يزال الأسرى والمحتجزون فى أيدى حماس، وسقوط الصواريخ على المبانى السكنية، ونزوح مجتمعات بأكملها، إضافة إلى الدمار الهائل والخسائر فى الأرواح فى غزة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.
من الواضح الآن، أن إسرائيل تغرق فى الحرب التى أطلقت عليها «السيوف الحديدية» (وهو اسم لا يستخدمه أحد فى إسرائيل)، إنها ليست حرب الأيام الستة أو حتى مسألة ستة أسابيع.
بدأ الشعب الإسرائيلى يتكيف مع الواقع المرير المتمثل فى أن هذه الحرب لن تكون سباقًا سريعًا نحو خط نصر واضح المعالم، على أمل ألا تغرق أقدام العداء فى الوحل المستعصى كما حدث فى الماضى.
فى سياق متصل، أعلن مدير المخابرات العسكرية، اللواء أهارون حاليفا فى حفل تخريج الطلاب، يوم الأربعاء الماضى: «ليس لدينا خيار سوى خوض هذه الحرب. قد لا تكون حربا وجودية، فوجود دولة إسرائيل ليس على المحك. لكن هذه حرب على وجودنا.. على حياتنا هنا. حرب من أجل شوارعنا وحقولنا، من أجل روتيننا اليومى، ومن أجل قدرة أطفالنا وأحفادنا على العيش فى هذا البلد بأمان وسلام وحرية للأجيال القادمة».
لكن لا يمكن لأى تصريحات من هذا النوع أن تخفف من حجم الألم الناتج عن أنباء مقتل جنود إسرائيليين فى المراحل الأولى من العملية البرية فى غزة، إذ وردت أنباء عن مقتل جنديين الثلاثاء الماضى؛ كما ارتفع عدد القتلى من تسعة إلى 15 قتيلا يوم الأربعاء الماضى.
كذلك، أشار الصحفى عاموس هرئيل فى صحيفة «هاآرتس»، إلى أنه ليس سرا أن هذه الضربات الجوية التى يشهدها قطاع غزة هى مجرد بداية لما سيكون عليه أشهر طويلة من العمليات المستمرة والخطيرة داخل القطاع. ربما تكون دراما الضربات الجوية فى طريقها إلى الانحسار، ولكن هذا يعنى قرب المرحلة التالية وهى الاجتياح البرى للمناطق الحضرية للمقاتلين المسلحين والذخائر (وعلى نحو متفائل، الأسرى والمحتجزين أيضا). كذلك، يحذر هرئيل من أنه كلما شددت إسرائيل الخناق، كلما واجهت خطر بقاء قواتها ثابتة بما يكفى نتيجة تزايد احتمالية التعرض للمخاطر ــ فضلا عن تصاعد الضغوط الدولية مع تزايد عدد الشهداء بين المدنيين الفلسطينيين.
تقول كاتبة المقال إن الأسبوع الماضى كشف عن حقيقة أن نهاية هذه الحرب لم تُحدد بعد. فكانت صدمة السابع من أكتوبر بمثابة جرعة من الأدرينالين فى البداية. ونتيجة لهذه الجرعة تخلى الإسرائيليون عن أنشطتهم اليومية، وكرَّسوا أنفسهم بدوام كامل لتقديم الدعم التطوعى للجنود وضحايا هجوم حماس، والتبرع بالمال والوجبات والإمدادات، وتوفير المأوى للسكان النازحين فى المجتمعات الحدودية، وملء الفراغ الذى حدث بشكل مؤقت.
وفى المرحلة القادمة، سيحتاج حتى المواطنون ذوو النوايا الحسنة إلى إعادة التركيز على حياتهم الخاصة مرة أخرى، لذا ستضطر الحكومة الإسرائيلية إلى تكثيف جهودها لإيواء عشرات الآلاف من اللاجئين النازحين داخليا من المجتمعات الحدودية الجنوبية والشمالية فى الفنادق لبضعة أسابيع. ولكن التحدى الحقيقى يكمن فى إعادة توطينهم فى مكان يمكنهم من خلاله خلق ما يشبه الحياة الطبيعية مع استمرار الحرب وبقاء الخطر يحاصر بلداتهم بحيث لا يمكن العودة إليها فى الوقت الراهن.
لقد أظهرت الأسابيع الماضية منذ عملية «طوفان الأقصى» أن الإسرائيليين قادرين على التكاتف فى الأزمات. ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان هؤلاء ــ وقادتهم ــ يتمتعون بالصبر والثبات للمضى قدما مع تحول هذه الأسابيع إلى أشهر، ولا يزال الأسرى والمحتجزين فى أيدى حماس. إضافة إلى معرفة أن مصير كل هذه الأرواح فى أيدى نفس القادة الذين أدت إخفاقاتهم إلى كارثة 7 أكتوبر، كل هذه الأمور لا تزيد التحدى إلا ضخامة.
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمرالنص الأصلى