تحسين برامج الحماية الاجتماعية للاجئين والمهاجرين فى المنطقة العربية - فرحان الحسبان وهديل القضاة - بوابة الشروق
السبت 5 أكتوبر 2024 6:23 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحسين برامج الحماية الاجتماعية للاجئين والمهاجرين فى المنطقة العربية

نشر فى : الجمعة 4 أكتوبر 2024 - 6:30 م | آخر تحديث : الجمعة 4 أكتوبر 2024 - 6:30 م

 

يواجه اللاجئون والمهاجرون فى المنطقة العربية، تحديات معقدة ومتشابكة تتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية للتعامل معها. مع اندلاع الصراعات والأزمات فى العديد من الدول العربية، شهدت المنطقة تدفقًا كبيرًا للاجئين والمهاجرين الذين يبحثون عن الأمان والفرص الاقتصادية. وتختلف استجابة الدول المضيفة، حيث وضعت الكثير من الدول سياسات تتراوح بين توفير الحماية المؤقتة إلى تعزيز دمجهم فى المجتمع المحلى. إلا أن الكثير من هذه السياسات تواجه عقبات تتعلق بالقدرة على توفير الحماية الاجتماعية الشاملة وضمان الحقوق الأساسية للاجئين والمهاجرين.

الأردن يُعتبر أحد الأمثلة البارزة على تلك الدول التى استقبلت عددًا كبيرًا من اللاجئين، لا سيما بعد بداية الأزمة السورية فى عام 2011. وضعت الحكومة الأردنية بالتعاون مع الوكالات الدولية، سياسات للحماية الاجتماعية الطارئة لتلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين السوريين، الذين يشكلون اليوم أكبر مجموعة من المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين. ورغم الجهود المبذولة، فإن هذه السياسات لم تكن كافية لتغطية جميع اللاجئين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة. وبالإضافة إلى السياسات الحكومية، قُدِّمت مساعدات نقدية من قِبل الجهات الدولية للفئات الأكثر هشاشة، لكنها كانت تُعتبر مؤقتة وغير كافية لتلبية الاحتياجات بشكل كامل.

وفى هذا الإطار صدرت ورقتى سياسات من الشبكة العربية للباحثات/ين الشباب فى مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تحت إشراف منتدى البدائل العربى ببيروت، حول السياسات الخاصة باللاجئين، فى الأردن ومع بلوغ الدعم الطارئ أقصى حدوده، تم فى عام 2016 إطلاق «الميثاق»، وهو خطة تهدف إلى تحويل نهج التعامل مع اللاجئين من مجرد متلقين للمساعدات الإنسانية إلى فاعلين اقتصاديين يمكنهم الاعتماد على أنفسهم. تمحور الميثاق حول ربط المساعدة الإنسانية بالتنمية المستدامة، مع التركيز على دمج اللاجئين السوريين فى سوق العمل النظامى.

تم توسيع نطاق العمل ليشمل احتياجات اللاجئين فى مجالات مثل الصحة، إلا أنه تختلف إمكانية وصول اللاجئين إلى الخدمات الصحية بناءً على مكان إقامتهم. فى المخيمات، تُقدم الخدمات الصحية بشكل مجانى بتمويل ودعم من المنظمات الدولية والمؤسسات الخيرية العربية، بينما يُحال اللاجئون المقيمون خارج المخيمات إلى مقدمى الخدمات الصحية الحكومية، حيث تكون المساعدة المقدمة محدودة وتستهدف الفئات الأكثر هشاشة.

يمكن تحسين برامج الحماية الاجتماعية الأساسية للاجئين فى المنطقة العربية، من خلال مواصلة توعيتهم بشأن طرق الحصول على خدمات المساعدة الاجتماعية وإمكانية الوصول إلى العمل النظامى، وإرفاق «الميثاق» بمعايير إمكانية الوصول إلى العمل النظامى والضمان الاجتماعى، ويجب على مفوّضية الأمم المتّحدة لشئون اللاجئين ووكالات الأمم المتّحدة الأخرى مراجعة منهجيات الاستهداف لحصول اللاجئين على المساعدات النقدية، وتسهيل وصولهم وأفراد المجتمع المضيف الأكثر هشاشةً إلى سوق العمل.

على نحو متصل، تُعد العمالة المهاجرة عنصرًا حيويًا فى اقتصاد العديد من الدول العربية، حيث تعتمد هذه الدول بشكل كبير على هذه العمالة فى مختلف القطاعات الاقتصادية. يتواجد ملايين العمال المهاجرين فى منطقة الخليج العربى، وأيضًا فى دول أخرى مثل الأردن ولبنان. ورغم الأهمية الاقتصادية الكبيرة لهذه العمالة، فإنها غالبًا ما تواجه تحديات متعلقة بالحقوق والحماية الاجتماعية، حيث يعانى العديد من العمال المهاجرين من ظروف عمل غير آمنة وغياب العقود العادلة، إضافة إلى نقص الحماية القانونية.

فى دول الخليج، يشكل العمال المهاجرون الغالبية العظمى من القوى العاملة فى القطاع الخاص، ويعملون غالبًا فى ظروف صعبة تشمل ساعات العمل الطويلة، والأجور المنخفضة، وعدم وجود ضمانات اجتماعية مثل التأمين الصحى والضمان الاجتماعى. ورغم بعض الإصلاحات التى تم إجراؤها فى بعض الدول مثل قطر والسعودية، والتى شهدت إلغاء نظام «الكفالة»، لا تزال أوضاع العمال المهاجرين بحاجة إلى تحسينات جذرية لضمان حقوقهم الأساسية.

فى الأردن، تلعب العمالة المهاجرة دورًا مهمًا فى الاقتصاد الوطنى، حيث تساهم بشكل كبير فى قطاعات مثل الزراعة، والبناء، والخدمات المنزلية. فى عام 2022، أصدرت وزارة العمل الأردنية ما يزيد عن 350,000 تصريح عمل للعمالة المهاجرة، مما يدل على الحاجة الماسة لهذه القوى العاملة.

ورغم هذه الأهمية الاقتصادية، يواجه العمال المهاجرون فى الأردن تحديات كبيرة، خاصة فى القطاعات غير المنظمة. يعمل العديد من هؤلاء العمال فى ظروف عمل غير آمنة ويعانون من نقص الحماية الاجتماعية، بما فى ذلك عدم الحصول على تأمين صحى أو اشتراك فى نظام الضمان الاجتماعى. تواجه العاملات المهاجرات فى الأردن، وخصوصًا فى قطاع الخدمات المنزلية، تحديات مضاعفة تتعلق بسوء المعاملة، وعدم دفع الأجور، وساعات العمل الطويلة، إضافة إلى غياب معايير السلامة المهنية.

يتعين على الحكومات العربية، توفير بيئة عمل أكثر أمانًا وعدالة للعمالة المهاجرة، بما فى ذلك مراجعة قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعى، لضمان شمول العمال المهاجرين ضمن إطار الحماية القانونية. يمكن أن تسهم هذه الإصلاحات فى تحسين أوضاع العمالة المهاجرة وزيادة إنتاجيتهم، مما يعود بالفائدة على اقتصاد الدول.

يمكن القول، إن برامج الحماية الاجتماعية للاجئين والمهاجرين فى المنطقة العربية يجب أن تركز على تطوير استراتيجيات شاملة، بما فى ذلك تحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، وضمان شمولهم فى أسواق العمل النظامية. هذا يتطلب مراجعة شاملة للسياسات والقوانين ذات الصلة، بما يساهم فى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة فى المنطقة.

• باحثة أردنية فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حاصلة على شهادة الماجستير فى دراسات المرأة.

••  محام وباحث أردنى حاصل على شهادة الماجستير فى القانون العام.

فرحان الحسبان وهديل القضاة فرحان الحسبان: محام وباحث أردني حاصل على شهادة الماجستير في القانون العام هديل القضاة: باحثة أردنية في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حاصلة على شهادة الماجستير فى دراسات المرأة
التعليقات