واضح أن عجلة التوريث تندفع بأقصى سرعة وقوة هذه الأيام، ولا معنى لتحركات السيد جمال مبارك وحركاته «الكردية الشعبية» طوال الفترة الماضية سوى أن موضوع ترشحه للرئاسة عاد يلح إلحاحا ،أكثر من ذى قبل، ولعل الإجابات المراوغة التى يقدمها كلما سئل عن الأمر هى أقرب للتأكيد منها إلى النفى.على أن اللافت أكثر أن ثنائية الحرس القديم والفكر الجديد لم تكن أوضح وأجلى مما هى عليه الآن، على نحو لن نكون مبالغين فيه لو قلنا إن هناك تبادل قصف بالتصريحات بين الفريقين الآن.
باختصار نحن دخلنا فى الدقائق الحرجة من عمر سباق التوريث، حتى ولو أقسموا جميعا برأس أجدادهم، أن جمال مبارك مرشح طبيعى وليس وريثا، وعليه فإن بقاء الدكتور محمد البرادعى فى مكمنه وهو المعادل الموضوعى لفكرة التوريث، يبدو غريبا ومستغربا وعجيبا ومثيرا لعلامات الاستفهام.
وبدون لف أو دوران فإن البرادعى كما قلنا مرارا جمع كل مدخرات المصريين من أحلام التغيير ووضعها فى شخصه ومشروعه، بحيث بات الجميع يعلمون أنه لا منجاة من الاندهاس تحت عجلات التوريث سوى الدكتور البرادعى، الذى رفض منذ البداية استدراجه للانضمام إلى أى حزب من أجل الترشح من خلاله، كى لا يعطى المشروعية لنظام انتخابى فاسد.
غير أن هذه الحجة على وجاهتها تعنى إخلاء الساحة تماما لمرشح الحزب الوطنى لكى يلعب فيها وحده، أو يلاعب مجموعة من الخصوم الصغار، من بابدفع حالة الملل وتعبئة وقت الفراغ، وليس من باب المنافسة الجادة.. والنتيجة الوحيدة هنا أننا من حيث لا نريد ــ أو نريد ــ قدمنا تسهيلات لإبقاء الوضع على ما هو عليه، سواء بوصول الشاب أحمد أو الحاج أحمد.
لقد رفع معسكر الدكتور البرادعى شعار «معا سنغير» فيما يواصل الآخرون عمليات التجريف والهدم وإنشاء واقع جديد على الأرض، ومن ثم فإن البرادعى مطالب بتحقيق اختراق ما على أرض الواقع بعيدا عن الاستسلام لشهوة تشغيل عداد التوكيلات والتوقيعات على بيان التغيير، والاكتفاء بمخاطبة الناس عبر منصة «تويتر» وفيس بوك.
على البرادعى أن يعود الآن ويلتحم بقوة فى أرض الملعب بدلا من ممارسة رياضة وضع السيناريوهات الافتراضية عن بعد.
عليه أن يجتهد لإيجاد حلول ومنافذ للمرور من المتاريس الموضوعة أمام أى محاولة للتغيير، وآخرها ما أعلنه رئيس مجلس الشعب بالإسكندرية أمس
الأول بالفم المليان «لا تنتظروا تعديلات دستورية» ومن ثم فإنه لن يعيب البرادعى ولا معسكره البحث عن صيغ وآليات لخوض السباق وفقا لقواعده الواقعية الراهنة حتى ولو كانت بائسة وضاربة فى عمق الاستبداد والتخلف.
لن يلومكم أحد لو اشتبكتم مع ما هو قادم بالمتاح أمامكم من وسائل، لكن أحدا لن يسامح الدكتور البرادعى لو انتهى كل ذلك الضجيج السياسى بوصول
آمن ومريح للسيد جمال مبارك إلى الحكم بعد نزهة هادئة تشبه الانتخابات.
Wquandil@shorouknew.com