لا مشروعية بلا شرعية - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 12:34 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا مشروعية بلا شرعية

نشر فى : الإثنين 7 فبراير 2011 - 9:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 فبراير 2011 - 11:19 ص
عند أهل الاختصاص مصطلحان الأصل فيهما أنهما متلازمان لكنهما يتمايزان وقد ينفصلان فى فترات التمرد والثورات.

الشرعية هى القبول الشعبى لنظام الحكم عند الفئات الناشطة سياسيا، أى التى تختار أن تكون صاحبة قرار فى إدارة شئون البلاد السياسية. وهذه الشرعية قد سقطت لحد بعيد عن نظام حكم الرئيس مبارك يوم أن خرج الملايين من الشباب الذين واجهوا قوات الأمن بصدور مفتوحة للإعلان عن آرائهم فيما يشبه الديمقراطية المباشرة عبر التعبير الحر التطوعى. ولكن نظام الحكم لم يزل يتمسك بالمشروعية القانونية (legality) التى تعنى أن الرئيس مبارك هو رئيس مصر حتى سبتمبر القادم وأن مجلسى الشعب والشورى بقيادتهما التى تنتمى إلى «الحزب الوطنى» هما المجلسان اللذان عبرا عن إرادة الناخبين وقت إجراء انتخابات المجلس. إذن هما مشروعان قانونا، مع بعض الطعون التى سيتم التعامل معها بجدية لأول مرة فى تاريخنا.

لكن شبابنا عبروا عن رفضهم لشرعية أشخاص الحكم وللإطار الرسمى الحاكم له. ومن هنا حدث انفصال واسع بين إطارى الشرعية والمشروعية. وها هو النظام الحالى يحاول بناء جسر بين الاثنين عبر أربعة إجراءات:

الوعد بأنه لا تمديد ولا توريث بعد اليوم. فقد تم إسقاط الشرعية المستقبلية للأسرة الحاكمة دون أن ينال ذلك من مشروعيتها الراهنة.

أن يتم تصحيح شرعية المجلس (الذى هو عند النظام الحاكم مشروع بحكم استناده لإجراءات يعتبرها النظام الحاكم سليمة دستوريا). وأن يتم تصحيح شرعيته من خلال قبول تقارير محكمة النقض وإعادة الانتخابات مع السعى لأن لا يتم تغيير تركيبة المجلس كثيرا، فيظل الحزب الوطنى القابض على خطوط التغيير المحتملة للدستور فى المستقبل).

اصطناع ثورة مضادة تقوم بوضع اللوم على المتظاهرين باعتبارهم راغبين فى الفوضى، بل وحتى عملاء لقوى خارجية، وعليه ينخفض سقف مطالبهم إلى مرحلة ما قبل الجمعة 28 يناير، وتقتصر على إجراءات اقرب إلى «الانفتاح» منها إلى «الإصلاح» السياسى.

الحوار مع القوى السياسية على أمل إحداث نوع من التوافق معها على مطالب الحد الأدنى دون أن يضطر النظام لإجراء تغييرات جذرية وهو عند أدنى نقاط قوته. وحتى إن لم يحدث توافق مع الجميع، فإن انقسام القوى السياسية المصرية على نفسها سيعنى إضعاف قدرتها التعبوية وبالتالى من السهل إعادة سيطرة الحزب الوطنى على المشهد السياسى.

ومع ذلك فلا شك أن الشباب المحتج نجح فى أن يهز قواعد ظن كثيرون أنها راسخة للاستبداد والتسلط فى مصر.
معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات