ترامب.. شيطان الأمس.. ملاك اليوم! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 25 أكتوبر 2024 7:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب.. شيطان الأمس.. ملاك اليوم!

نشر فى : السبت 8 أبريل 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 8 أبريل 2017 - 9:10 م

هل يمكن أن يتغير رأى البعض فى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال 12 ساعة فقط يحيث يكون شيطانا رجيما يوم الخميس، ثم ملاكا طاهرا يوم الجمعة؟!!.
للأسف هذا ما حدث بالضبط من قبل العديد ممن نسميهم بالمثقفين والنخبة والشخصيات العامة العربية فى الأيام الماضية.
عندما اجتمع ترامب مع الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الإثنين الماضى على هامش زيارته للبيت الأبيض التى استمرت حتى الخميس، كان رأى هؤلاء أن ترامب عنصرى ومختل ومتقلب ويصعب التنبؤ بأفعاله وأنه سيعطى الفرصة لكل المستبدين العرب لتجاهل ملف حقوق الإنسان والحريات العامة، وأنهم سوف يستمرون فى قمع شعوبهم خصوصا بشار الأسد، بعد أن قالت عنه إدارة ترامب الأسبوع الماضى بأن أمر إزاحته من السلطة ليست أولويتها، وهو ما رآه البعض تصريحا للأسد بالاستمرار فى سياسته.
صباح الجمعة وبعد أن أمر ترامب بإطلاق ٥٩ صاروخا على مطار الشعيرات السورى قرب مدينة حمص، تحول ترامب فى نظر الأشخاص أنفسهم إلى أفضل شخص فى العالم، والرجل الذى ينتصر للعدالة الإنسانية ويدافع عنها، ويقتص للأطفال السوريين الذين قتلهم بشار الأسد وجيشه بغاز السارين القاتل فى خان شيخون بريف إدلب يوم الثلاثاء الماضى.
بعد العدوان الأمريكى مباشرة قالت مذيعة عربية شهيرة فى تدوينة على تويتر ــ فى لغة منتشية: «فعلها بو إيفانكا» فى إشارة إلى ترامب وابنته الجميلة إيفانكا.
فى حين أن إعلامىا خليجيا شهيرا أشاد بترامب لأنه أعاد رسم الخطوط الحمراء مرة أخرى فى سوريا، وأن بشار لن يكون بمقدوره مرة أخرى استخدام الأسلحة الكيماوية، وإعلامى عربى آخر كتب: «لك كل تقديرى يا ترامب.. كم أنت كبير يا أبو إيفانكا».
نذكر أن غالبية الشخصيات السياسية العربية خصوصا المقربة من جماعة الإخوان وبعض بلدان الخليج، ظلت تهاجم ترامب وتصفه بأنه عنصرى ويخلط بين الإسلام ومحاربة الإرهاب، وأنه يتعامل مع المسلمين بصورة فيها تمييز عنصرى، وهى اتهامات معظمها صحيح فعلا. غالبية هؤلاء غيروا مواقفهم صباح الجمعة مع الإعلان عن القصف الصاروخى الأمريكى ضد القاعدة الجوية السورية فى الشعيرات. وتحول ترامب فى نظرهم إلى «الشبيح والفتوة والبطل والدكر الذى سيعلم الأسد وبوتين وخامئنى الأدب».
لم يسأل هؤلاء أنفسهم سؤالا بسيطا: هل تغيرت صفات ترامب ورأيه وأفكاره بشأن العرب والمسلمين، أم أن كل ما حدث مجرد ضربة عسكرية ليس هدفها القصاص للأطفال السوريين المغلوبين على أمرهم، بل محاولة استعادة النفوذ الأمريكى فى سوريا والمنطقة، تمهيدا لتسوية تترجم هذا النفوذ؟!.
موقف بعض هذه الشخصيات العربية من الهجوم على سوريا يعنى أنهم جميعا انتهازيون، لا تهمهم المبادئ والأخلاق التى يصدعوننا بها، وينتقدون بسببها ترامب والأسد وكل المستبدين فى العالم.
هذا الموقف اللاأخلاقى يقول بوضوح إن ما يشغل هؤلاء فقط هو أن يكون المستبدون فى صفهم، مثلما فعلوا بالضبط مع رجب طيب أردوغان، حينما تجرَّءُوا وقالوا إن الإسلام مع النظام الرئاسى الذى يحاول الرئيس التركى فرضه بكل السبل عبر استفتاء قريب. هؤلاء أفاقون يغيرون آراءهم وأفكارهم فى كل لحظة، ما دامت تتوافق تتوافق مع أهوائهم.
قلة هى التى فهمت حقيقة العدوان الذى حدث اليوم الجمعة، وأنه ليس انتصارا للعدالة، بل سعيا إلى المصالح الأمريكية فقط، بل ربما المصلحة الشحصية لترامب الذى يواجه ظروفا داخلية صعبة.
ومن أفضل ما قرأته بعد عدوان فجر الجمعة ما كتبه أنور الهوارى على صفحته حيث قال: «بشار مجرم ابن مجرمين، ليس فى إجرامه ولا إجرامهم شك.. لكن تأييدك للعدوان الأمريكى نطاعة تصل إلى حدود الخيانة، وليس فى هذه النطاعة وتلك الخيانة شك أيضا»!!!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي