مروة الشربينى وجلعاد شاليط - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:19 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مروة الشربينى وجلعاد شاليط

نشر فى : الأربعاء 8 يوليه 2009 - 8:56 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 يوليه 2009 - 8:56 م

 ليس صحيحا أن مصر الرسمية نسيت شهيدتها فى ألمانيا مروة الشربينى، كل ما فى الأمر أنها كانت مشغولة بالسؤال عن صحة جلعاد شاليط، وجلست مع بيريز تفكر وتفكر فى أسلوب إخراجى جديد لتسليم الجندى الصهيونى الأسير لحكومة إسرائيل.

ولذلك لا أوافق أبدا على ما ذهب إليه البعض من أنه كان يفترض أن يترك «كبرات البلد» مشاغلهم الضخمة ومسئولياتهم الجسام ليضيعوا دقائق من وقتهم الثمين فى إصدار تصريح صغير يواسون فيه أسرة الشهيدة ويعزون الشعب المصرى فى مصائبه التى لا تتوقف أبدا.

وما دام ذلك كذلك فلا أتصور مثلا أن يذهب وزير الخارجية المصرية أحمد أبوالغيط إلى مطار القاهرة ليكون فى استقبال جثمان الشهيدة، فالرجل كان الله فى عونه مشغولا طوال الوقت بالتنظير وممارسة رياضة التزلق فوق معادلات المنطق الصورى، والمساحات الفارغة من وقته الثمين تذهب إلى بعض ملفات مثل مصير جلعاد أو التحضير لقمة شرم الشيخ وحماية عرين الدور المصرى الممتد طولا وعمقا فى خريطة العالم.

وقد يتخابث أحدهم ويسأل: لماذا لم يصدر بيان رسمى، أو برقية عزاء رسمية من مجلس الوزراء تدين الحادث وتنعى الشهيدة؟.. غير أن هذا التساؤل السئيل مردود عليه بأن الحكومة عن بكرة أبيها متمترسة خلف عجلة التنمية تدفعها إلى الأمام وفق أحدث النظريات العلمية «اللى يحب النبى يزق».. ثم إن لديها ملفات أخرى أكثر أهمية من أداء واجب العزاء فى الشهيدة، يكفيها أنها توصل الليل بالنهار لكى تحسم مسألة بث مباريات الدورى العام وهو على الأبواب.

وقد يتآمر البعض ويتوقف بالتفكير قليلا فى المقارنة بين حجم ودرجة الاهتمام الإسرائيلى بالجندى الأسير جلعاد شاليط، وبين رد الفعل المصرى الرسمى على اغتيال مروة الشربينى، وهى مقارنة لا تجوز لأسباب عدة ليس من بينها أن الحى أبقى من الميت، فالحكومة الإسرائيلية حددت سعر جنديها الأسير منذ البداية بعشرات وربما مئات من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين والعرب، بينما لا توجد تسعيرة للمواطن فى بلادنا العربية السعيدة، إذ يمكن لأى شخص فى العالم أن يقتل مواطنا مصريا أو عربيا ويحصل على جثة آخر مجانا، ليس من باب الحلول المبتكرة للقضاء على ظاهرة الانفجار السكانى فقط، بل أيضا لأننا نرفل فى نعيم نظم غاية فى السخاء مع القتلة فى الداخل والخارج.

ويكفينا نموذج كارثة العبارة حيث حددت عقوبة قتل أكثر من 1300 شهيد مصرى فى عرض البحر بسبع سنوات سجن على الورق، بينما الجانى يعيش سعيدا معززا مكرما فى لندن دون أن تفعل حكومتنا شيئا حتى الآن لاسترداده وتوقيع العقوبة عليه.. وبالمناسبة العقوبة لا تزيد على 34 ساعة سجن عن كل قتيل، فلماذا إذن تغضبون من رد الفعل فى ألمانيا على مقتل الشهيدة؟

وقس على ذلك ما جرى مع شهداء صخرة الدويقة وحريق مسرح بنى سويف وأتوبيسات الموت، التى تنتحر بركابها غرقا فى مياه النيل، وقطارات السكة الحديد، التى تمارس رياضة القتل بانتظام، ستكتشف فى نهاية الأمر أننا نتعامل مع رحيل المواطن بفلسفة «كابوس وانزاح».

وائل قنديل كاتب صحفي