هل الثقافة السائدة فى مجتمع ما تحدد سلوك أفراده؟ بعبارة أخرى، فلنفترض أن زلزالا أصاب مجتمعا ما، هل ستتفاوت ردود أفعال أبناء المجتمعات المختلفة تجاهه؟ بعبارة ثالثة، لو حدث زلزال فى العالم كله فى نفس الوقت، هل سيكون رد فعل «معتز بالله منتظرى» الإيرانى، مختلفا عن رد فعل «معتزوف» الروسى، مختلفا عن رد فعل «معتز هيريهيتو» اليابانى، مختلفا عن رد فعل «معتز شو جان» الصينى، مختلفا عن رد فعل مستر «موتاز» الأمريكانى، مختلفا عن رد فعل «معتز كوليبالى» الغانى، مختلفا عن «راجى عفو الخلاق الحاج معتز بالله المصرى»؟ السؤال السابق مصاغ بطريقة تركز على الاختلافات الثقافية أكثر من الخصائص الشخصية للفرد؛ بعبارة أخرى، فلنفترض أن البنية النفسية والأخلاقية والعلمية للشخص لم تختلف بين المجتمعات، ولكن ما اختلف بشكل واضح وصريح هو «البيئة الثقافية التى يعيش فيها الإنسان».
الإجابة تأتى من رونالد انجلهارت، الأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة ميتشجان الأمريكية، وهى «نعم» هناك تفاوتات هائلة بين الثقافات (مع تفاوت ليس هائلا داخل الثقافة الواحدة) بشأن حوادث الدهر. العرب والباكستانيون والفلبينيون والعديد من ثقافات أفريقيا جنوب الصحراء يميلون إلى تسجيل المواقف وإلقاء اللوم على الآخرين وإبراء الذمة بصفة عامة. ونحن لم نكن بحاجة لاستطلاع رأى «World Value Survey» الذى يشرف عليه انجلهارت لنعرف ذلك. الدكاترة طه حسين وفؤاد زكريا وزكى نجيب محمود، وغيرهم قالوا كلاما مشابها منذ عقود.
لو زلزال ضرب مصر وبلاد العرب، لا قدر الله، ستجد نزعة عند الأغلبية للتعامل معه وكأنه عقاب إلهى بسبب انتشار الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الآخرين، ونادرا ما سيلوم أحدنا نفسه، بفرض تسليمنا بأنه عقاب أصلا. ولو شخص اشترى سيارة جديدة، وخرج فى الشارع عمل بها «غرز» ثم انتهى الأمر بحادثة، فالعيب ليس فيه، وإنما غالبا فى الآخرين الذين إما حسدوه أو لا يجيدون القيادة.
وهذا السلوك يتناقض مع حديث شريف يقول: «الكيس من دان نفسه». بمعنى أننا مطالبون، إذا كنا من أهل الكياسة، أن نبحث عن الخطايا والأخطاء فى أنفسنا قبل أن نلقى التبعة على الآخرين.
يقول أحدهم: الثورة لم تنجح لأن الدنيا لم تتغير، والحكومة لم تقم بدورها، والمجلس الأعلى متخبط، والدنيا حر، والتباطؤ والتواطؤ، والفلول مسيطرون. سؤالى: بفرض أن كل هذا صحيح، وما الذى فعلته أنت كى تتغير حياتنا بعد الثورة؟
كان الناشطون والدعاة تقليديا يعلنون عن كم مهول من المبادرات التى أكسبتهم شهرة واسعة، وكنت أظن أن سبب عدم نجاح أو اكتمال مبادراتهم هو الدور المعوق لأمن الدولة، وسؤالى لهم: الآن لا يوجد أمن دولة، لماذا لا تحركون الطاقة المعطلة عند شبابنا فى مشروعات تنموية أو تنظيمية أو تنظيفية أو توعوية؟
اليابان فقدت ثلث رأسمالها المادى فى آخر ثلاثة أشهر. ولكنها ستعود أقوى. لماذا؟ لأنها تعرف سر النجاح. وما هو؟ العمل الدءوب والاجتهاد الدائم وإنكار الذات. أعلن الكثير من العمال والموظفين اليابانيين أنهم سيعملون ساعات عمل إضافية مجانية. العديد من الموظفين كبار السن يعلنون أنهم سيتطوعون بالخروج على المعاش لمساعدة الشباب الأصغر سنا كى يحصلوا على وظيفة، بل الكثير من كبار السن يتطوعون لإزالة آثار تسرب الإشعاع النووى لأن آثاره تظهر بعد 15 سنة فى المتوسط، وهم لا يريدون أن يغامر الشباب خوفا على مستقبل البلد.
عموما «كل الكلام ده مش مهم،» فلنبحث عن نقيصة فى هذا العمود أو كاتبه، أو الجرنال كله. المهم ألا يكون أحدنا مقصرا فى شىء! والمليونيات تتوالى ضد الآخرين! نفسى فى مليونية ضد أنفسنا.