الراعى الرسمى للوطنية الفاسدة - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:42 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الراعى الرسمى للوطنية الفاسدة

نشر فى : الأربعاء 8 أغسطس 2012 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 8 أغسطس 2012 - 8:55 ص

قمة الانحطاط أن يتشاطر بعض السفهاء على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الجديدين، ويتركون المسئول الأصلى فى كارثة قتل جنودنا فى رفح.

 

لا محمد مرسى، أو هشام قنديل هو الذى مارس الابتزاز على المصريين طوال الفترة الماضية، وفرض سيطرته وبطشه على البلاد والعباد بحجة أنه يحمينا من الخطر الخارجى القادم عبر الحدود.

 

ليس محمد مرسى هو الذى انشغل بصغائر الداخل وأقحم نفسه فيما لا يليق به، تعبئة مكرونة وسحل نشطاء وتعرية متظاهرات وخلافه، ودخل فى نوبة استرخاء واستلقاء مع الخارج، لنكتشف فى نهاية المطاف أننا نعيش تحت سقف مثقوب وبين حوائط مهترئة، لا تقى أحدا من قيظ الصيف ولا زمهرير الشتاء.

 

ليس محمد مرسى ولا هشام قنديل هو من فرض على مصر تعريفا فاسدا للوطنية، واعتمد نسحة مزيفة من الانتماء، وانشغل بتربية وتسمين كائنات فضائية تعقر وتنهش فى خلق الله، تحت رعاية شاملة وتصفيق حاد ممن كان يفترض أن يكونوا مشغولين بأمن الحدود أكثر من انشغالهم بخوض المعارك فى صينية ميدان التحرير.

 

إن محمد مرسى لم يعلن على الملأ أن ذلك الإعلامى العقور هو نموذج الوطنية الجديدة، ودون أن يشعر بالخجل فيما بعد وهو يرى ويسمع إعلاميه المفضل والمدلل يفاخر ويجاهر بعلاقاته مع كبار القادة الصهاينة فى وصلة إسفاف من تلك التى يحبها الجنرالات على الهواء مباشرة.

 

وأزعم أنه لا توجد دولة محترمة فى العالم يخرج إعلامى على شاشة تلفزيونية بها معلنا أنه يتمتع بعلاقات واتصالات مع قادة العدو، ويمر الأمر وكأن المسئولين فيها يتفرجون على فقرة سيرك أو فيلم كوميدى، دون أن يسائله أحد.

 

ومن علامات فساد الوطنية الجديدة أن تكون غزة هى العدو، وإسرائيل هى الصديق، وتضيق المسافة بين ببغاوات المنصة وصقور الليكود.

 

ويمكنك أن تهاجم مرسى بكل ما أوتيت من بلاغة ومنطق فى موضوعات شتى، وتستطيع أن تقصف هشام قنديل بأشد العبارات فتكا وتعتبره الاختيار الخطأ لرئاسة الحكومة الجديدة، غير أنه فى فاجعة استشهاد أبنائنا فى رفح لا يمكنك أبدا أن تصوب باتجاه مرسى وقنديل وتترك من تقع عليه المسئولية.

 

والحاصل أن فى هذا العدوان الجبان أظهرنا فى حالة انكشاف تام، وأثبت أننا بارعون فى صناعة الأكاذيب والأوهام والأفلام وتصديقها والتعامل معها على أنها حقائق، فما جرى ينطق بأن كل شىء تم تجريفه فى مصر على مدى ثلاثين عاما حكمت خلالها بمن باركته أمريكا وارتضته إسرائيل كنزا استراتيجيا لها، ومن العبث أن يتحدث أحد عن سلامة أجزاء من مبنى يعوم فوق بحيرة من العطن، فقد نخر السوس فى جميع الأرجاء فطال الضعف والعجز كل شىء، من الوجود الهزيل فى الأوليمبياد، وحتى انهيار التعليم على نحو قاتل لكل عوامل التفوق والنبوغ.

 

ومع التسليم بأن هذه الكارثة لا ناقة للرئيس الجديد فيها ولا جمل، إلا أنه من السخف أيضا أن يصور البعض الجريمة باعتبارها موجهة ضد الرئيس مرسى، وأن حكمه هو المستهدف من هذا الاعتداء الخسيس، فهذا أيضا تبسيط مخل ربما لا يقل إسفافا عن محاولة تعليق المسئولية برقبة مرسى وقنديل، ذلك أن العدوان استهدف مصر كلها بشعبها قبل مسئوليها.

 

لقد حان الوقت لتنظر مصر جيدا فى المرآة وتفيق من الغفلة والوهم.

 

وائل قنديل كاتب صحفي