●● الكاتب الصحفى الكبير والزميل ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم فى مقاله أمس بالأخبار كتب مقالا مهما تحت عنوان: «نوبة صحيان.. فى ذكرى النصر» تناول فيه قضية عمرها 45 عاما، وهى عدم تسجيل بطولات تلك الحرب فى أفلام سينمائية، باستثناء محاولات قليلة أنتجت بسرعة، وبلا خبرة، واختلط فيها خيال الكاتب بحقائق الحرب.. وبدت تلك المحاولات ناقصة المعلومة، وناقصة الحقيقة، لأن الأصل هو تجسيد البطولات، وليس مجرد الإشارة إلى انتصار عسكرى حققه الجيش المصرى.. كما أثار ياسر رزق قضية المشككين، سواء فى إسرائيل أو من جانب جماعة الإخوان وأتباعها التى تبذل المستحيل للتشكيك فى انتصار مصر، شعبا وجيشا، ومن أسف أن هؤلاء لا يدركون أنها كانت حرب المصريين وليست حرب الجيش وحده..

●● كنت فى لندن ضمن آلاف من طلبة الجامعة فى تلك الفترة ممن ينطلقون إلى أوروبا لخوض تجارب العمل فى الصيف.. وكان مقررا لنا العودة يوم 10 أكتوبر إلى القاهرة.. لكن فى مساء السادس من أكتوبر علمنا أن الحرب دارت. خرجنا إلى الشارع بحثا عن صحف المساء الإنجليزية، ووجدناها مزينة بعنواين تقول: «مصر عبرت قناة السويس».. «حائط صواريخ مصرى.. يحيد المقاتلات الإسرائيلية».

●● طوال أيام الحرب أخذنا نتابع وسائل الإعلام البريطانية، بما فيها من تحليلات خبراء عسكريين، وكان هناك هذا الإجماع على أن الجيش المصرى حقق معجزة عسكرية بعبوره قناة السويس، بخمسة فرق (100 ألف جندى) وعشرة آلاف آلية، وبتحييد قدرة سلاح الجو الإسرائيلى، عند حدود الضفة الشرقية للقناة، بواسطة صواريخ سام 6 وسام 2 وكذلك إشادات مستمرة، تحمل كثيرا من الدهشة لسلاح استخدمته قوات المشاة المصرية لإيقاف أرتال الدبابات الإسرائيلية وهو الصاروخ المحمول على الكتف، ومدفع الآر بى جى.

●● يوم 16 أكتوبر نقل التليفزيون البريطانى خطاب الرئيس أنور السادات فى مجلس الشعب، وفى اليوم نفسه نقل خطاب جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل وهى تتحدث عن قيام الجيش الإسرائيلى بفتح ثغرة فى منطقة الدفرسوار والعبور إلى الضفة الغربية للقناة. وكانت تغطية الإنجليز للحرب محايدة على الرغم من تعاطف تاريخى مع الجانب الإسرائيلى. وتضمنت تلك التغطية الإعلامية، كما شاهدناها فى حينه الطائرات، الأمريكية العملاقة من طرازات مختلفة، وهى تهبط فى مطارات العريش، وصحراء النقب وتخرج من بطنها أحدث الدبابات والأسلحة.

●● لقد تناولت الصحف الإنجليزية نتائج الحرب بموضوعية، وكيف أن الجيش المصرى حقق معجزة عسكرية، وحقق هدفه الاستراتيجى، وهو عبور قناة السويس، وكسر حالة اللا حرب واللا سلم. وفعل المصريون ذلك بشجاعة هزمت توقعات متشائمة لنتائج عبور قناة السويس. وأبسط قواعد التقييم للحروب تستند على مدى توافق نتائجها مع أهدافها. ولو كانت الثغرة مركزا للقوة، لما انسحبت منها إسرائيل فى النهاية.. وقد استردت مصر أرضها بالكامل كنتيجة نهائية لتلك الحرب.. وهو انتصار.. وبالمعايير العسكرية أيضا كان عبور خمسة فرق وعشرة آلاف آلية ودبابة، قناة السويس، وتدمير خط بارليف فى 6 ساعات وتحييد سلاح الجو الإسرائيلى، كان ذلك انتصارا عسكريا عظيما.

●● يوم 29 أكتوبر عادت بنا طائرة مصر للطيران إلى أرض الوطن. كنا 150 طالبا. وفور أن لمسنا الأرض، وتنسمنا برائحة النصر. أسرعنا إلى أرض المطار نقبل تراب مصر.. ونهتف تحيا مصر.