أحيانا يجد الإنسان نفسه أمام تساؤلات أعمق من أى إجابات. وأجد صفحتى على الفيس بوك وإيميلى الشخصى مليئين بأسئلة شخصية أو عامة ولكنها إجمالا تقول الكثير عن سيرة البلد ومسيرته ومستقبله.
يسأل إسلام: «البلد رايحة فين؟ أنا كواحد أمامى سنة وأتخرج من كلية هندسة.سأتخرج ويسيطر على تفكيرى أننى لن أعمل إلا بواسطة، وهذا يختلف عن نظرية زمان التى كانت تقول: «تفوق كى تجد عملا. وموضوع الواسطة هذا أنا أراه بعينى. فأجد خريجا بتقدير امتياز ولا يجد عملا لأنه لا يوجد عنده واسطة وآخر خريج هندسة من جامعة خاصة وبتقدير مقبول ويجد عملا لأنه عنده واسطة وفى شركة بترول كبيرة. أنا وصلت لحالة لا مبالاة وأعتقد أنه لا قيمة للتعليم الذى نتعلمه لأن نظام التعليم والمناهج نلقى بها بعد التخرج ولا تستفيد منها فى العمل إلا بنسبة متواضعة». ثم يختم إسلام رسالته بالآية الكريمة: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها». وما يهلك الأمم إلا غياب العدل، وهذا هو ما يحدث فى مصر الآن فى كل المجالات.
وردى على إسلام: تفوق واجعل أملك فى الله. هذا ليس خطأك ولكنك مطالب بألا تستسلم لواقع متخلف خلقه آخرون. وربما يفيدك أن تعرف أننى لم أستخدم الواسطة ربما فى حياتى المهنية على الإطلاق: من أول ثانوية عامة إلى معيد فى الكلية إلى مدرس بالجامعة إلى الدراسة ثم العمل بالخارج. عد إلى مذاكرتك بكل حماس ممكن وقل: «ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم».
وأذكرك بما قاله الشيخ محمد الغزالى فى كتابه «جدد حياتك»: «إن المرء حين يؤمل ينطلق تفكيره فى خط لا نهاية له، وما أسرع الهواجس والأوهام لاختراق هذا التفكير المرسل، ثم تحويله إلى هواجس محيرة، ومخاوف محبطة. إن الغد فى ضمير الغيب، يستوى السادة والصعاليك فى ترقبه، فلم يبق إلا اليوم الذى يعيش العقلاء فى حدوده وحدها. وفى نطاق هذا اليوم يتحول إلى ملك من يملك نفسه ويبصر قصده».
وقد عرضت لهذا الكتاب على موقعى الشخصى (ALADL.NET) فى سلسلة (لم تكتمل بسبب الانشغال) من عروض الكتب الصوتية. استمع إليها وقد يكون فيها ما يفيد.
ودعنى أذكرك بأن هناك صاحب شركة يريد لشركته أن تنجح فعلا، ويعلم يقينا بأنها لن تنجح بالواسطة وإنما بالكفاءة. وهذا ما قد يجعله يبحث عنك وعن المجتهدين من أمثالك.