ماذا سيقول المتحمسون للدكتور البرادعى لو قرر الرجل فجأة خوض سباق الرئاسة كمرشح لأحد الأحزاب، وليكن الوفد مثلا؟
السؤال ليس افتراضيا تماما، كما أنه ليس محاولة لادعاء قدرة على قراءة المستقبل، هو فقط سؤال لا يطرح نفسه ولا يجمعها ولا يضربها ولا يقسمها، وفى حدود معلوماتى أن الأسئلة ليست محرمة حتى الآن.
الرجل أعلن فى البداية أن «كل» ما يهمه هو إحداث إصلاح فى البنية الدستورية والتشريعية المنظمة لعملية الانتخابات فى مصر، ثم عاد وأكد أن «جل» ما يهمه ليس الترشح لانتخابات الرئاسة بحد ذاته، بل الترشح وفق قواعد وآليات ديمقراطية كاملة، تليق ببلد فى حجم مصر حيث قال «إذا ما قررت الترشح لهذا المنصب الرفيع، وهو الأمر الذى لم أسع إليه، فسيكون ذلك إذا رأت الغالبية العريضة من أبناء الشعب المصرى بمختلف انتماءاته أن ذلك سيصب فى مصلحة الوطن».
ثم أخيرا وفى بيانه الأول المكون من سبع نقاط جدد البرادعى حديث الضمانات، مركزا على ضرورة تعديل ثلاث مواد بعينها فى الدستور، ومع ذلك بدا البرادعى من خلال هذا البيان أقرب إلى فكرة الترشح رغم كل المتاريس الدستورية الموضوعة فى طريق الترشيح.
واللافت بعد يومين فقط من هذا البيان أن الرئيس مبارك أعلن ترحيبه بالبرادعى منافسا فى انتخابات الرئاسة، حين سئل عن ذلك فى ألمانيا، وإن اشترط أن تمارس اللعبة فى إطار الدستور القائم.
أتصور أن إجابة الرئيس تؤجج فكرة الدخول فى سباق الرئاسة عند البرادعى أكثر وأكثر، وتضع الرجل أمام تحد مثير للغاية، ربما ــ أقول ربما ــ يجد نفسه مع وتحت تأثير ضغوط شعبية عارمة مدفوعا لخوض المنافسة.
وإن حدث ونجحت عملية استدراج (أو إدراج) البرادعى فى لعبة الانتخابات وفق شروطها الحالية، أو حتى مع تحسينات فى الشروط، فإن السيناريو سيكون كالتالى: معركة انتخابية ساخنة تبدو وكأنها حقيقية يحقق فيها البرادعى نتائج مذهلة تقترب من مرتبة الانتصار لكنها لا تبلغه، بحيث يرضى عنها الحالمون بالتغيير، ويبدو فيها الفائز وكأنه رئيس وصل إلى سدة الحكم عبر صناديق انتخابات شفافة ونزيهة، ترفع الحرج عن إدارات القوى الكبرى التى يهمها استقرار الأوضاع على ما هى عليه فى الشرق الأوسط أمام شعوبها الممتعضة من دعم حكومات تعتبرها ديكتاتورية.
وأحسب أن الدكتور البرادعى أمام اختبار شديد الصعوبة الآن، فهو محاصر بين رغبات أنصاره الجارفة التى تدفعه دفعا لخوض تحدى الانتخابات حتى النهاية، وبين قناعاته الأولى التى أعلن فيها أن دخول السباق وفق قواعد اللعبة الحالية نوع من العبث.. فماذا هو فاعل؟