تحديات الإدارة الأمريكية الجديدة - السيد أمين شلبي - بوابة الشروق
الخميس 6 مارس 2025 2:42 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

تحديات الإدارة الأمريكية الجديدة

نشر فى : الثلاثاء 10 فبراير 2009 - 6:43 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 فبراير 2009 - 6:43 م

 سيظل عالقا في وعي وخبرة شعوب و مجتمعات العالم، وبشكل خاص شعوب العالمين العربي والإسلامي ، ما فعلته سنوات إدارة جورج بوش الابن 2000 -2008 وسياساتها التي عصفت بأوضاع واستقرار هذه المنطقة هذا فضلا عن ما تبنته من مفاهيم واستراتيجيات للتعامل مع العالم ومشاكله وقضاياه جعلت أمريكا في بعض الأحيان تقف بمفردها America Alone في مواجهة حتى أصدقائها وحلفائها ، وانعكس هذا علي مصداقيتها وهزت قيمها التي تتفاخر بها، إزاء هذا لم يكن غريبا ان يكون هذا هو رد فعل وابتهاج العالم بنهاية عهد جورج بوش ورجال إدارته واقتران هذا بانتصار المرشح الديمقراطي ذو الأصول السوداء باراك أوباما الذي جاء يحمل رسالة التغيير والتجديد ، ورسالة التغيير كما فهمها الرأي العام الأمريكي والعالم، تعني تصحيح أخطاء وسياسات إدارة جورس بوش.
وفي العشرين من يناير تولي باراك أوباما رسميا رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بما يعني بداية عهد جديد من السياسات والتوقعات التي ارتبطت بانتخابه. غير ان من المفارقات ان يرتبط عام انتخاب أوباما والذي اعتبر انه سيواجه من المشاكل أكثر مما واجهه أي رئيس أمريكي آخر منذ الحرب العالمية الثانية بظهور الأزمة المالية العالمية التي نشأت أساسا في الولايات المتحدة وعصفت باقتصادها في تجربة لم تشهدها منذ أوائل الثلاثينات هذا التطور الذي واجه أوباما وهو علي مشارف إدارته ، هو الذي جعل المراقبون يعيدون ترتيب أولويات إدارته. ويجعلون من الأزمة المالية في قمة هذه الأولويات يتلوها القضايا التي كان يتصور أنها ستكون في مقدمة اهتماماته مثل الوضع في العراق وأفغانستان وباكستان وقضية الصراع العربي الإسرائيلي فضلا عن البرنامج النووي الإيراني.

غير أن جدول أعمال أوباما لا يقتصر علي هذه القضايا وأولوياتها و إنما يشمل كذلك قضايا العلاقات مع قوتين صاعدتين هما الصين وروسيا الاتحادية. وبالنسبة للصين فان إدارة بوش لم تترك إرثا متوترا في العلاقات معها، فقد انتهت إدارة بوش وكل من الصين تدركان مصالح كل منهما لدي الآخر وهو الادارك الذي وضع أساسا لعلاقات مستقرة وهو ما تتوقع ان تبني عليه إدارة أوباما. أما مع روسيا فالأمر يختلف حيث خلفت إدارة بوش علاقات متوترة مع روسيا وكان الغزو الروسي لجورجيا في أغسطس 2008 حدا فاصلا في علاقات روسيا مع كل من الولايات المتحدة والغرب.وفي تقدير العديد من المراقبين كان تصرف روسيا هو نتاج سلسلة من لتصرفات الأمريكية والأطلنطية، اعتبرتها روسيا تهديدا لأمنها القومي ومحاولة لتهميشها ابتداء من استقلال كوسوفو، إلي ضم دول شرق أوروبا والبلطيق إلي حلف الأطلنطي وتشجيع جورجيا وأوكرانيا علي ذلك وأخيرا إقامة مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي في بولندا والتشيك. وجاء رد الفعل الروسي بغزو روسيا ليقول ان " الكيل قد فاض " بروسيا وأنها لم تعد تتحمل المزيد.وتلي ذلك تبادل الاتهامات والتهديدات بين روسيا من ناحية والولايات المتحدة والغرب من ناحية أخري. وعلي الرغم من محاولات احتواء الأزمة، واستبعاد أن يعني هذا حربا باردة جديدة، إلا أن الأجواء مازالت ملبدة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الروسية، فان الأنظار معلقة بإدارة أوباما و الإشارات الايجابية التي وجهتها القيادة الروسية لإدارته المقبلة. ان موسكو علي استعداد لإعادة النظر في مشروعاتها الصاروخية مقابل تنازل واشنطن عن مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي، وعلي الجانب الأمريكي نصح العديد من الخبراء ان يبدأ أوباما بإبداء إشارات ايجابية تجاه العلاقات مع روسيا وخاصة حول الاستعداد لتجديد معاهدة الصواريخ الإستراتيجية التي ينقضي اجلها عام 2009 .

ومع توليه السلطة يواجه باراك أوباما سلسلة من التحديات في الشرق الأوسط عاجلا حيث يمر العراق بهدوء هش واقتراب إيران من العتبة النووية، وتهاوي عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية ، وحكومة ضعيفة في لبنان وتصاعد قوة الجماعات الإسلامية ووضع أمريكي ضعيف صنعته سنوات من الفشل والانحدار. وكما عبر ريتشارد هاس ومارتن انديك ( راجع الفورن افيرز- عدد يناير فبراير 2009 ) فان التعامل مع التحديات العالمية المعاصرة يتطلب تعاملا مع الشرق الأوسط. ولكن أين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديدا من عالم أوباما ؟ .
فعلي الرغم من ان أوباما قد عبر عن ان فريقه للسياسة الخارجية سوف يبدأ من اليوم الأول في التعامل مع عملية سلام الشرق الأوسط، إلا أن هذا التعامل سوف يتداخل مع الانتخابات الإسرائيلية وما يمكن ان تجيء به وخاصة إذا ما تولي الليكود كذلك مع تمزق الوضع الفلسطيني وكما عبر آرون ميلر انه إذا كانت إدارة أوباما تريد أن تكون جادة حول عملية صنع السلام الفلسطيني الإسرائيلي فإنها يجب أن تكون أكثر تشددا وعدلا من إدارة كلينتون وأكثر من هذا من إدارة بوش.

وهناك جبهة أخري تنتظر أوباما وهي علاقات الولايات المتحدة وصورتها في العالمين العربي والإسلامي. وهي الصورة التي تدنت منذ أحداث 11 سبتمبر والمحاولات التي جرت لربط الإسلام والمسلمين بهذه الأحداث بل وذهب البعض إلي أن الخطأ يكمن في الإسلام كدين وكعقيدة وان فيه من المبادئ ما يحض علي التطرف ورفض الآخر. وعلي الرغم من محاولات العديد من البيانات الرسمية ومنها بوش للفصل بين الإسلام والإرهاب إلا أن الأفعال الأمريكية في العراق وأفغانستان أخذت في العالم الإسلامي باعتبارها حربا علي الإسلام. وهكذا يواجه أوباما معضلة تبديد هذه الصورة وخلال حملته الانتخابية نظر إليه والي خلفيته الثقافية باعتباره الاقدر علي تصحيح صورة أمريكا في العالم الإسلامي. بل انه نقل عنه انه سوف يلقي خطابا في إحدى العواصم الإسلامية وانه سوف يعقد مؤتمرا يضم مائة شخصية إسلامية .والسؤال الذي يثور هو إذا ما كانت هذه النوايا الطيبة وما قد يدرج تحت العلاقات العامة والدبلوماسية العامة سوف يكفي لتبديد الصورة التي سادت العالم الإسلامي عن أمريكا أم أن المطلوب هو الرجوع عن السياسيات التي أدت بالفعل إلي تدهور الصورة الأمريكية وفي مقدمتها تدمير دولة إسلامية مثل العراق والكف عن تأييد السياسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وهو التأييد الذي يمثل مصادر الغضب والاستياء بين الشعوب الإسلامية تجاه الولايات المتحدة.

وفي تصورنا لمواجهة أوباما لعالمه لابد ان نتذكر شهادة وزير خارجيته أما الكونجرس التي ركزت علي ما أسمته بالقوة الذكية Smart Power والتي تمثل نطاقا كاملا من الأدوات دبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا وقانونيا وثقافيا. حيث تقع الدبلوماسية في قلب هذه الأدوات، الأمر الذي إذا تحقق سوف يمثل تحولا عن أسلوب إدارة بوش التي اعتمدت فيه علي القوة وتجاهل الدبلوماسية.

• دبلوماسي مصري سابق

التعليقات