الخارجية تتعاطى حبوب الشجاعة - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:14 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخارجية تتعاطى حبوب الشجاعة

نشر فى : الثلاثاء 11 أغسطس 2009 - 11:10 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 11 أغسطس 2009 - 11:10 ص

فجأة استيقظت الخارجية المصرية من سباتها العميق، فتحت الثلاجة وابتلعت مجموعة لا بأس بها من كبسولات الشجاعة و«نخعت» تصريحا ساخنا بأقسى العبارات الممكنة ضد إساءة معاملة المصريين فى سفارات الدول الأجنبية داخل مصر.
بيان الخارجية التى تصحو دائما متأخرة، رغم أنها تنام مبكرا وعميقا جدا، اختص المصريين من المتقدمين للحصول على تأشيرات من السفارات والقنصليات الأجنبية بالداخل، ولا غضاضة فى ذلك، فجميل جدا أن تدرك الخارجية أن رعاياها بالداخل يهانون ويعاملون بصلافة شديدة أحيانا إذا قادتهم أقدامهم لإنجاز معاملة قنصلية، وجميل أيضا أن تتذكر الخارجية أنها يجب أن تغضب أمام هذه الممارسات.

لكن غير الجميل ويجب أن يقال بصراحة ولو من قبيل التكرار الممل أن سعر المواطن فى الخارج يتحدد على ضوء سعره فى داخل وطنه، فلو كانت كرامة المصرى فى وطنه مصانة ومأخوذة بعين الاعتبار لما جرؤ أحد على إهانته أو إساءة معاملته بالخارج، سواء خارج الحدود أو داخل أراضى السفارات الأجنبية فى مصر.

ولو كانت هذه الصحوة المفاجئة من الخارجية المصرية سلوكا عاما وعقيدة وقناعة راسخة فى الأداء الدبلوماسى المصرى لما تطلب الأمر الاجتماع مع ممثلى السفارات الأجنبية وإبلاغهم برفض الإساءة والإهانة.

ولو كانت سفارات وقنصليات مصر فى الخارج تعامل رعاياها من المصريين بالشكل الذى يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم لما تجرأ أحد على إساءة معاملتهم فى أى مكان فى العالم.

ولو سألت أى مصرى مغترب فى دولة عربية أو أوروبية سيقول لك إن قضاء مصلحة أو إنجاز معاملة من أى إدارة تابعة لحكومة الدولة، التى يقيم فيها أيسر وأهون بكثير من الحصول على خدمة يستحقها من سفارة بلده، ويزداد الأمر سوءا فى السفارات المصرية بالدول العربية التى تتعامل مع رعاياها على أنهم أبقار غير مقدسة ينبغى حلبها حتى آخر قطرة.

فما أن يدخل المواطن بقدميه إلى مقر القنصلية حتى تبدأ عملية استثمار زيارته الاضطرارية فى الحصول على أكبر قدر ممكن من الرسوم المبالغ فيها، ناهيك عن تقطيبة الجبين العبقرية التى لا تفارق أى موظف، بما يجعل المصرى المسافر يشعر وكأنه ارتكب حماقة عمره عندما جاء برجليه.

وكنت أتمنى أن تبدأ الخارجية المصرية بنفسها ولا تكيل بمكيالين، حيث لا يستقيم أن تطلب السفارات الأجنبية بتدليل المصريين، بينما هى تعامل رعاياها فى قنصلياتنا بالخارج وكأنهم زبائن مقهى ينبغى الحصول منهم على أقصى استفادة ممكنة، وإذا حدث وتعرض أحدهم لمشكلة فى الغربة يكون وحيدا عارى الظهر.

ولنا فى حكاية الشهيدة مروة الشربينى، وعشرات القصص عن معاناة المصريين مع كفلائهم الدليل على أن المتغطى بسفارة بلده فى الخارج عريان. 
 

وائل قنديل كاتب صحفي