●● فى يوم 2 فبراير الماضى اندلع ما عرف بمعركة الجمل فى ميدان التحرير، وقد شاهد العالم تلك المعركة على الهواء مباشرة، كما تابع الثورة بكل تفاصيلها عبر الفضائيات العربية والأجنبية. وفى هذا اليوم انتصر المرابطون فى ميدان التحرير على المعتدين القادمين من اتجاه ماسبيرو. من أعلى كوبرى 6 أكتوبر.. وألقى الشباب القبض على العشرات من هؤلاء الفرسان الذين تسلحوا بالغباء والسيوف، كما لو كانوا من رجال عصر الجاهلية.. فكم كان مضحكا قيام «قبيلة بنى نزلة السمان» بغزو ميدان التحرير وهم يمتطون الجياد والجمال، ويمسكون بالسيوف والكرابيج والعصى.
●● الجريمة الأخرى التى شاهدتها بعينى كأنى أتابع أحد الأفلام السينمائية، كانت قنابل المولوتوف التى ألقيت من أسطح العمارات المحيطة بميدان التحرير.. كما شاهدت طلقات الرصاص القادمة من أعلى لتقتل.. وعلى الرغم من الجريمة البشعة والقتل الذى جرى، لم يعلن حتى اليوم أسماء المسئولين عن تلك الواقعة.. لا يهم أسماء فرسان نزلة السمان، لكن الأهم أسماء الذين حركوا هؤلاء الخيالة بخيولهم وجمالهم وسيوفهم، وكم دفعوا لهم. فلاشك أن الذين تم القبض عليهم، اعترفوا على «الأسطى» الذى دفع لهم المال. وأن هذا الأسطى اعترف على الممول وعلى أصحاب القرار.. فلماذا لم نعرف حتى اليوم من هم هؤلاء الذين كانوا وراء هذا العمل الإجرامى؟.. ومن كان وراء أوامر إطلاق القناصة للرصاص من أعلى المبانى المحيطة بالميدان بهدف اغتيال شباب الثوار، كى يهرب فزعا الآلاف من نفس المصير؟
●● نعلم أن التحقيقات مازالت جارية، لكن المصريين يظنون أن إلقاء القبض على بعض المعتدين يسهل الوصول إلى الرءوس المدبرة بالكشف عنهم، ولذلك فإن الشارع المصرى يسأل: أين أسماء الذين ارتكبوا تلك الجريمة وخططوا لها.. وهل حقا أن هناك ست قيادات حزبية وسياسية معروفة كانت وراء تلك العملية، وكانوا يراقبون نتائجها من غرفة عمليات خاصة؟
●●المصريون أيضا يتساءلون عن التحقيق مع العادلى وزير الدخلية الأسبق بتهمة «التربح» بينما هو متهم بإشاعة الفوضى وبإصدار أوامر بإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين؟
●● المصريون يتساءلون أيضا عن الأصابع الشريرة التى تحرك الفتنة..هل حقا أن أحد المخبرين من أمن الدولة وراء إحراق كنيسة إطفيح ومعه 19 شخصا أخرين.. ولماذا تحرق تلك الكنيسة الأن وهى مقامة فى مكانها منذ عام 2000؟ ومن أيضا الذى أبلغ شباب المسلمين واشاع بينهم أن هناك مخططا للهجوم على مسجد السيدة عائشة من جانب بعض الأقباط بهدف إحراقه، ليندلع القتال الذى أسفر عن مصرع 13 شخصا من الطرفين؟ من هم هؤلاء الذين يعملون ألة الشر فى صفوف الشعب المصرى؟
●● الحكومة تؤكد، والمصريون يجمعون الأن على أن هناك جيوبا للنظام السابق، وأنهم يشنون ثورة مضادة بهدف إجهاض ثورة 25 يناير، لأن أصحاب المصلحة فى ظل نظام سقط سيقاتلون من أجل عدم نجاح أى نظام قادم. أنهم يقاومون عن مصالحهم وثرواتهم وحياتهم. وهم بالتالى مستعدون لإعمال «آلة الشر» وتشغيلها بكل قوة وقسوة.. ومظاهر ذلك واضحة وغير خافية إطلاقا. مطالب فئوية مشروعة، لكن بعضها يختلط بفوضى غير مشروعة، مثل ماجرى فى البنوك ومن إلقاء حسابات عملاء فى الطرقات والشوارع. ومظاهرات لاتتوقف فى كل موقع. وإقتحامات لأقسام شرطة وإعتداءات على الوحدة الوطنية، وكانت تلك الورقة قبل الأخيرة، مع إحتمالات تصعيدها، إلى إغتيالات مخططة ولأهداف معينة يمكن أن تحرق البلد..
●● لأول مرة منذ 30 عاما يعرف الشعب المصرى السياسة ويهتم بها، ويجعلها حديثه اليومى، فى الشارع والمقهى والمكتب. لم تعد أحاديث الفن والكرة ومسلسلات التليفزيون هى السائدة. وبالطبع كانت السياسة مطروحة فيما مضى، لكن ذلك كان مقتصرا على النخبة، من صحفيين وإعلاميين وحركات سياسية أشعلت حراكا، إلا أنه بدا هما يشغل مجموعة من خمسة آلاف أو عشرة آلاف.
اليوم أصبحت السياسة لغة ملايين المصريين وهمهم الأول. وقد كشفت الثورة عن أن أجيال الشباب كانت تمارس السياسة من خلف شاشات الكمبيوتر.. فهم يرفضون ويغضبون ويتناقشون منذ سنوات، وقرروا القيام بالتعبير عن هذا الرفض والغضب، فوجدوا أن الملايين معهم لتعيش مصر ثورتها الشعبية الأولى فى التاريخ الحديث.. وكان الحق مع هؤلاء الشباب وهم يطالبون بإزاحة جميع أركان النظام السابق.. فالثورات حين تقوم، فإنها تلغى ماقبلها. وبعض الثورات تمارس الإلغاء بالمقصلة كما حدث فى الثورة الفرنسية التى إستمرت 17 عاما. ولكن ثورة مصر نظيفة وبيضاء، ولاتلوثها الدماء، كما لايمكن لها أن تستمر فى حالة الثورة 17 عاما مثل الثورة الفرنسية، لإختلاف الزمن والعصر والظروف.
●● نحن نطالب بمحاكمات عادلة لأركان النظام السابق. لأن كل متهم برىء حتى تثبت إدانته. إلا أنه من حقنا أن نخاف على بلدنا وعلى أولادنا، وأن نرغب فى الحياة الصحية الديمقراطية السليمة.. وهذا لايمكن أن يتحقق مادامت هناك أصابع تلعب من وراء الستار، وتحرك البلطجية كما يحرك لاعب المارونيت العرائس..فكيف يسمح لهؤلاء بالإتصال والتواصل مع بقاياهم؟