فى أكتوبر 2011 ادعى قيادات الجيش وأنصارهم أن شباب أقباط ماسبيرو استفزوهم فصممت أذناى عن تبريرهم لقتل ودهس عشرات من قبل الجيش بحجة أن المتظاهرين «استفزوا الجيش». والصورة تتكرر اليوم، والصور آخذة فى التكرار منذ يناير 2011: متظاهرون يقال عنهم إنهم «استفزوا الجيش» فيجىء رد الجيش بإبادتهم.
اليوم تتسارع فى ذهنى مشاهد دموية من ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء فى مقابل مشهد الحرس الجمهورى: والعامل المشترك هو العسكر ذو البطش غير المتكافئ ضد من يعاديه من المواطنين.
•••
الموقف مهيب والدم له رهبة ومهابة، والكل يوجه الاتهامات لبعضه البعض. وهذا توضيح لموقفى وموقف من يتفق معى. أرفض قتل المتظاهرين وإبادتهم مهما صدر منهم ــ إن صحت الادعاءات ــ لأنه فى كل الأحوال قوتهم غير متكافئة مع الجيش وأسلحته.
لكننى اليوم أمتنع عن تأييد تظاهر الإخوان فى مظاهرتهم وغايتهم رغم تأييدى لمظاهرات محمد محمود ومجلس الوزراء، لأن الإخوان يتظاهرون لتأييد شرعية أعلم يقينا أنها تهاوت منذ شهور ولا يمكن لى أن أؤيد شرعية سقطت من الأساس، وهم يلفون جثامين الضحايا ــ الذين هم إخواننا جميعا على كل حال ــ فى صورة طاغية تكبر وعند فساهم فى ضياع وطن كامل.
يتهموننا بأننا نبرر الحكم العسكرى ونرحب ببطش العسكر ونعلم أنه لم يجلب حكم العسكر سوى تعنت من قال لسان حاله لملايين تظاهروا ضده «خلوهم يتسلوا»، قالها ضمنيا عندما رفض ما قدم له من مبادرات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى عهده أو حتى استفتاء على بقائه، بل إنه لم يحاول إرضاء الملايين الغاضبة بتغيير وزارى حتى. فجلب العسكر إلى الحكم جلبا. ثم حشد مؤيديه ليؤدوا هتافا ابتدعناه ورفضوه منذ زمن، ثم استعاروه منا بعد حين ــ «يسقط حكم العسكر».
نعم، يسقط الحكم العسكرى ويسقط حكم الإخوان ويسقط من قال لبلد بأكمله إما أنا أو العسكر، أنا أو الفوضى، أنا أو الدماء دون الكرسى الذين لن أتركه طواعية ودون «شرعيتى».
ثم يجىء بعض أنصاره وأنصار شرعيه ويخيرون من رفضوا رئاسة مرسى بين الهتاف بالمطالبة بعودته وشرعيته التى لم تكن منذ شهور أو اعتبارنا مبررين لحكم العسكر وقتل العسكر لمتظاهرى الإخوان.
هذا يسمى ابتزازا أخلاقيا.
•••
من العدل الحكم على كل موقف على حدة. مرسى وقيادات الإخوان هم الذين جلبوا حكم العسكر جلبا برفضهم البدائل التى طرحت، وقطاع من أعضاء وقواعد الإخوان أعطوا لقياداتهم تلك الفرصة باستمرارهم فى تبرير فشل وأخطاء مرسى فأعطوه قوة واهية لم يستحقها وزادوه كبرا. وما حدث فى واقعة الحرس الجمهورى مجزرة ضد متظاهرين ماتوا دون ما رأوه صوابا حتى لو اختلفنا معه، والآن يتم تشويههم من قبل أبواق إعلامية كاذبة وشامتة.
ومرة أخرى مثلما هو الحال فى مصر دائما منذ زمن، سنعبر جميعا عن غضبنا وحزننا على من ماتوا، على خالد سعيد وسيد بلال وعمر صلاح بائع البطاطا وضحايا ماسبيرو ومحمد محمود والحرس الجمهورى. سنحزن لحين ثم سننسى لكن الأمهات الثكالى لن ينسين أبدا.
الضحايا من كل الأطراف من أهالينا وعلينا ألا نصمت لكى لا تتأكد هزيمتنا.
•••
يجب إجراء تحقيق عاجل خلال مدة زمنية محددة من قبل لجنة ذات صفة قضائية وإعلان أسماء المدانين من جميع الأطراف للجميع وتقديمهم للمحاكمة العاجلة. لا يصح القبول بلجان تقصى الحقائق التى لم تقيم عدلا منذ عهد مبارك، ولا يمكن القبول بالتعتيم على أسماء المدانين، حتى لو كان من بينهم قيادات الجيش وقيادات الإخوان.
على مدى الأيام الماضية قتل واصيب العشرات من المصريين من كل الأطراف فى جميع أنحاء مصر، بما فى ذلك اعتداءات على كنائس ومسيحيين من قبل مؤيدى مرسى فى المحافظات التى يم يهتم بها الإعلام. لن يقام العدل إلا بحساب كل القتلة والمحرضين أيا كانت مواقعهم. مات أكثر من 80 مصريا من الطرفين ولن يقام العدل دون حساب قاتليهم أيا كانوا.