من الثورة إلى الدولة - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 12:11 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الثورة إلى الدولة

نشر فى : الثلاثاء 15 فبراير 2011 - 11:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 فبراير 2011 - 11:00 ص

 أخطر ما فى أى ثورة أنها فعل جماعى غير منضبط يمكن أن يتحرك بنا فى أى اتجاه كحجر ضخم ينزل مندفعا من قمة جبل، يمكن أن يدفعه أى حجر صغير فى أى اتجاه.

الثورة تعنى التغيير الراديكالى، وها نحن انتهينا إلى وضع يتم فيه تجميد الدستور، ويحل فيه مجلسا الشعب والشورى، ولا يوجد فيه رئيس أو نائب رئيس.

وقد أراد الله بهذه البلد خيرا كثيرا إذ قيض لها عددا من رجال القوات المسلحة الوطنيين الذين وضعوا إطارا منضبطا للحجر المندفع من قمة الجبل.

أمامنا قرابة ستة أشهر سيتم فيها تعديل الدستور وفقا للمواد المقترحة من خلال لجنة يعينها المجلس العسكرى ثم الاستفتاء عليه خلال شهرين. ومن المفيد الاستفادة من خبرات الدول الأخرى فى هذا المقام.

قد يكون من المفيد للقائمين على تعديد الدستور أن يأخذوا فى اعتبارهم بعض خبرات من حقل النظم السياسية المقارنة والتى توضح أن النظم البرلمانية ــ الجمهورية (مثل ألمانيا، إيطاليا، تركيا، الهند) تكون أكثر نجاحا فى اجتياز مراحل التحول الديمقراطى من النظم الرئاسية (مثل الولايات المتحدة، والمكسيك، والبرازيل، وشيلى).

إذن الفصل الوظيفى بين منصبى الرئيس ورئيس الوزراء ضرورة مع ملاحظة ألا يكون رئيس الوزراء مجرد «سكرتارية» للرئيس وإنما يكون رئيس الحزب الحاصل على (أو الأقدر على تشكيل ائتلاف يشكل) الأغلبية فى البرلمان.

وبعد الدستور هناك اختياران: انتخابات الرئاسة أولا أو انتخابات البرلمان أولا. الخبرة متفاوتة، ولكن تميل معظم التجارب إلى أن تقديم انتخابات البرلمان بمجلسيه أفضل من تقديم انتخابات الرئاسة. عليه يكون أفضل أن تجرى انتخابات مجلسى الشعب والشورى أولا، والتى يكون من الأفضل كذلك أن تتم وفقا للقائمة النسبية مع وضع نصاب معقول فى حدود 5 بالمائة؛ بمعنى أن القائمة التى تمثل فى البرلمان لا بد أن تكون حصلت على نسبة 5 بالمائة من الأصوات فى الدائرة التى تتنافس فيها. وإن حصلت على أقل من هذا النصاب، فلا تمثل القائمة فى البرلمان على الإطلاق.

ولكن المعضلة التى تواجهنا أننا نريد تأجيل الانتخابات البرلمانية لأبعد فترة ممكنة لإعطاء فرصة لأحزابنا الضعيفة للغاية كى تنشط.

وعلينا أن نتحرك بسرعة على خطين متوازيين: أولا على الأحزاب المتقاربة أيديولوجيا أن تبدأ فى التقارب بحيث تدخل الانتخابات على قائمة مشتركة وأن تروج لبرامجها ولمرشحيها على هذا الأساس.

ثانيا على شباب الثورة أن يبدأوا جديا فى الاتصال بقيادات الرأى العام والمثقفين الأقرب إليهم فكريا حتى يبلوروا برنامجا انتخابيا أو أكثر للتعبير عنهم حتى يترجموا مبادئهم إلى أطر مؤسسية تحفظها لهم، وإلا ضاعت منهم ثورتهم.

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات