بهدلة القضاء حصننا الأخير - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:57 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بهدلة القضاء حصننا الأخير

نشر فى : الثلاثاء 15 يونيو 2010 - 9:54 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 يونيو 2010 - 9:54 ص

 الآن وبعد أن هدأ غبار المعركة بين المحامين والقضاة «أو كاد» من المهم أن ننظر فيما جرى بحسابات المكسب والخسارة.

بداية تلك كانت حربا عبثية «أشبه بحرب البسوس وداحس والغبراء» الكل فيها خاسر «والرابح الوحيد هو النظام القائم النائم القاعد المتسيد المتصدر المسيطر» ذو القلب الكبير الذى بحكمته يختال علينا (بالنقطة أو بدونها تمشى) فهاهما جناحا العدالة يمزقان ملابس بعضهما البعض على الهواء مباشرة «ويتناطحان بكل عنف فيثيران الأرض دون أن يسقيا الحرث» حتى تأتى التدخلات الفوقية فى المشهد الأخير لتكتب كلمة النهاية حسب السيناريو الذى أرادته «وفى اللحظة المواتية» ليزاح الستار عن تصفيق حاد لصوت العقل والحكمة.

ومن المهم هنا التوقف عند توقيت اندلاع القتال بين طرفى العدالة «إذ جاء مباشرة بعد مسخرة انتخابات الشورى» وما تلاها من بكائيات صادقة على زمن الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات «وقبل أن تتعالى المطالبات بعودة إشراف القضاء» اشتعلت الحرب الضروس وخلالها انخدشت صورة القضاء بشكل مريع «بعد أن قضى رموز قضاء مصر الشامخ أسبوعا مثيرا على شاشات الفضائيات» تكسرت فيه أكواب وتطايرت أوراق وتساقطت فروع من أشجار الهيبة والوقار..

وفى النهاية أظهروا لنا القضاء ضالعا فى معارك صغيرة دفاعا عن مصالح الطائفة أو القبيلة بل إن الدكتور عبدالمنعم سعيد لم يجد حرجا وهو يقول فى الأهرام أمس إن «الواقع السياسى الآن فى مصر يشهد تجاوزات شديدة من جانب السلطة القضائية بحيث تجعلها تتدخل فى أعمال هى من صميم أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية».

وأزعم أننا أمام حالة استثنائية وغير مسبوقة مما يمكن وصفه بالاجتراء على القضاء «سواء عبر تركيز الفضائيات على نقل هتافات مهينة وجهها المحامون الغاضبون إلى السلطة القضائية» أو من خلال تحول هذه السلطة إلى مادة خصبة للتعليقات والفتاوى.. باختصار تم إلغاء المسافة الفاصلة بين القضاء كسلطة عليا وبين اليومى والعادى والمبتذل أحيانا «وإنزال رمز العدالة إلى معترك صغير» تم تجريده فيه من رمزيته كأيقونة للعدل المطلق وتحويله إلى خصم يدافع عن مصالحه المباشرة.

وبصريح العبارة «جرت عملية استدراج لحصننا الأخير إلى ما لا يجوز استدراجه إليه «فكانت النتيجة عبثا وتشويها وشخبطة على جدران الحصن» بحيث يبدو فى النهاية مثله مثل أى شىء فى مصر «قابل للكسر» وقابل للاستفزاز «وقابل للتشكيك» على نحو تتآكل معه مساحات اليقين والثقة فيما تبقى من نقاط مضيئة وملاذات آمنة للباحثين عن نسمة عدالة «ونسمة ديمقراطية» ورائحة انتخابات سليمة.

ولعل إطالة أمد المعركة «والمط والإطالة فى مشهد النهاية السعيدة» هى أيضا رغبة واضحة لدى من يهمهم أمر نزع أكبر قدر من المهابة والقداسة عن حصننا الأخير.

وائل قنديل كاتب صحفي