دولا عساكر مصريين - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولا عساكر مصريين

نشر فى : الأربعاء 16 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 يناير 2013 - 8:00 ص

هؤلاء الشهداء الذين لقوا حتفهم وسقطوا شهداء أمام جحافل الإهمال وانعدام الكفاءة وغياب الإحساس بالمسئولية ليسوا ملكا لأحد، وبالتالى التجار والسماسرة والمستثمرون فى الدم يمتنعون.. لا عزاء هنا للنائحات المستأجرات، العزاء للشعب المصرى كله، دون تفرقة أو تمييز أو استغلال لكارثة القطار.

 

«دولا عساكر مصريين»، «دولا ولاد الفلاحين» لمن لا يعرف أو يدرك أو يفهم، فقدناهم كما فقدنا قبلهم، وسنفقد بعدهم مادامت الكفاءة ليست شرطا، والجدارة الأخلاقية والإنسانية ليست واجبا فيمن يتولى منصبا تنفيذيا، ومادامت قيم مثل الشفافية والعدالة، وقواعد مثل المحاسبة والعقاب غائبة ومغيبة عن الجهاز الإدارى للدولة.

 

ومن هنا تأتى الدهشة من الإفراط فى تحميل رئيس الجمهورية شخصيا المسئولية الكاملة عن الحادث وكأنه هو الذى كان يقود القطار، وأيضا العجب من هذه الحساسية المفرطة من قبل مؤيدى الرئيس لانتقاده بعنف باعتباره يتحمل جزءا من المسئولية السياسية عن الكارثة، لأنه مسئول عن ترك المصريين بين يدى حكومة عاجزة وفاشلة ومهملة وبليدة لا تتعلم درسا أعيد على مسامعها ثلاث مرات فى أقل من ثلاثة أشهر، بدأت بحادث قطار الفيوم، ثم مصيبة قطار أسيوط، والآن كارثة البدرشين.

 

لقد صفعنا قطار البدرشين فى اللحظة التى كنا نفتح فيها أفواهنا وتجحظ أعيننا عجبا ودهشة من قرار إحالة عامل مزلقان وملاحظ البلوك فى كارثة قطار أسيوط التى أودت بحياة ٥١ طفلا للمحاكمة، وحدهما فقط «عامل المزلقان وملاحظ البلوك» يدفعان ثمن أخطاء وخطايا جرائم ممتدة بطول عقود من السنين شارك فيها وزراء ومسئولون تنفيذيون كبار، وأسهموا فى تردى كفاءة مرفق السكك الحديدية إلى هذا الحضيض المخجل.

 

وحين وقعت فاجعة قطار أسيوط كتبت فى هذا المكان مذكرا رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بموقفه الصارم من مثل هذه النكبات حين كان نائبا برلمانيا قبل سبع سنوات عندما وقع حادث قطار الصعيد «من حق المصريين أن يقارنوا بين محمد مرسى 2005، والرئيس مرسى فى 2012، فقبل سبع سنوات عندما كان الدكتور مرسى نائبا برلمانيا ووقعت مأساة قطار الصعيد طالب بمحاسبة سياسية وجنائية لوزير النقل ورئيس الوزراء فى ذلك الوقت، بينما فى 2012 جرت التضحية بوزير النقل بقبول استقالته، دون أن يتطرق أحد إلى مسئولية رئيس الحكومة سياسيا».

 

وللتذكرة أيضا كتبت إن وزير النقل رشاد المتينى أعلن بعد مأساة قطار الفيوم فى الأسبوع السابق لمذبحة قطار أسيوط فى مداخلة تليفزيونية على قناة التحرير أنه يعمل بلا مساعدين ويحمل المسئولية وحده، وعليه وباعترافه فإن المسئولية السياسية والجنائية عن حادث أسيوط المروع تبقى معلقة فى رقبته، لذا فإن الاستقالة أو حتى الإقالة لا تكفى، إذ لا يمكن تصور أن يقع حادثان داميان فى أسبوع واحد، وهى سابقة لم تحدث مع أى وزير للنقل والمواصلات، ودلالتها المخيفة أن أحدا لم يعتبر أو يستوعب، أو بالأحرى لم يهتم بدرس قطارى الفيوم.. ومن هنا لابد من محاكمة للوزير المسئول، ومحاسبة لرئيس الحكومة».

 

كان ذلك يوم ١٨ نوفمبر الماضى وبالطبع لم يتعرض وزير النقل السابق لمساءلة أو محاسبة، وكأن الاستقالة أو الإقالة عقاب يكفى، ويعفى صاحبها من المسئولية، وهانحن بعد أقل من شهرين نصبح على شر جديد وكارثة أخرى، ستقيد بالطبع ضد سائق أو عامل صيانة، بينما الوزراء والقيادات العليا لا يخطئون أبدا.

وائل قنديل كاتب صحفي