•• هذا يوم الكلاسيكو الأشهر فى العالم. يوم الديربى الإسبانى بين ريال مدريد وبرشلونة فى نهائى كأس الملك. والطرفان المتساويان فى القوة وراء تلك الدراما الكروية. لكن القوة المتساوية ليست سببا وحيدا للخصومة بين ريال مدريد وبرشلونة.. هناك جذور تاريخية. فعندما منح الملك ألفونسو الثالث فى عام 1920 لقب ملكى إلى ريال مدريد فسر ذلك فى مقاطعة كاتالونيا على أنه تحيز إلى ريال مدريد كما استمر ذلك فى ايام حكم الجنرال فرانكو، الذى استغل الشعبية العريضة للنادى فى الدعاية لحكمه، وكانت مقاطعة برشلونة خلال الحرب الأهلية الأسبانية فى الفترة من 1936 إلى 1939 معارضة لحكم فرانكو واستخدم سكان برشلونة اللغة الكاتالونية خلال مباريات الفريق للتعبير عن هذه المعارضة، كما استخدم فرانكو أسوأ أساليب العنف والقمع ضد معارضيه فى كتالونيا ومنها أنه قتل الشاعر لوكا أشهر شعراء الإقليم.

•• تلك الجذور السياسية وراء الخصومة بين ريال مدريد وبرشلونة. ويضاف إليها القوة المتساوية بين الطرفين فى أرض الملعب، فلا أحد يستطيع توقع نتيجة مباراة بين الفريقين مهما حدث ومهما كان، فالامر يتعدى حدود إشتراك لاعب أو غياب نجم.. إنه عداء سياسى تاريخى يرتدى ثوبا رياضيا. لكنه فى كل مرة ينتهى فور إطلاق الحكم صفارة النهاية بينما فى ملاعب أخرى تكون صفارة الحكم الأخيرة إشارة بدء الاقتتال.

•• إن جميع الأندية فى العالم، من جزر الأنتيل الهولندية إلى أنتاركتيكا فى القطب الجنوبى، تأسست لأسباب سياسية أو اجتماعية أو دينية ثم رياضية.. وفى جميع الدربيات العربية والعالمية فى مدن وفى دول ستجدها لأحد هذه الأسباب والواقع أن كرة القدم متنفس حقيقى لمشاعر الناس وانفعالاتهم. وتشجيع فريق هو تعبير عن الانتماء، فالإنسان لابد إن ينتمى إلى أشياء إحيانا بإرادته وأحيانا أخرى بالرغم عنه، فهو ينتمى إلى أسرة ثم مدرسة ثم عمل ثم أسرة جديدة، وهو منتمٍ إلى وطن وإلى نقابة وإلى نادٍ. وجمهور الكرة يشعر بدافع الانتماء ويجد مجالا فى تشجيع ناد معين والتحمس له، وعندما يختلط بناديه ومشجعيه يصبح ممثلا له متقمصا لشخصيته، يفرح بانتصاره، لأنه يشعر بأنه انتصار له فى النهاية.

•• يبقى أنه اشتهرت كلمة «ديربى».. فى كرة القدم وفى إعلامها وفى ملاعبها.. وأصبحت كل مباراة ديربى حتى لو لم تكن كذلك. وديربى بالمناسبة اسم نوع من أنواع الجبن الإنجليزى الصلب قليلا و«ديربى» أيضا اسم مدينة فى وسط إنجلترا تقع تحديدا غرب مدينة نوتنجهام، احتلها الرومان منذ القرن الثامن عشر واستقروا فيها، وهى مركز تجارى وصناعى، وعدد سكانها لا يزيد على 229 ألفا، وفيها نادى ديربى كاونتى الذى فاز بدورى إنجلترا واستضافه الزمالك فى القاهرة وهزمه 1/صفر عام 1975.

•• أما التسمية الرياضية، فقد جاءت أساسا من سباقات الخيول، فكلمة «ديربى» هى اسم لواحد من أشهر سباقات الخيول الكلاسيكية فى إنجلترا، وهو سباق بدأ منذ عام 1780، وكان سباق الـ«ديربى» هذا هو السباق النهائى الذى يختتم به الموسم، ولكن مع استمرار التسمية، ومع مرور الوقت، تبع ذلك تسمية عدد آخر من سباقات الخيول باسم سباق الديربى، وأصبحت كلمة «ديربى» فى سباقات الخيول عادة تعنى كلمة «سباق»، وباتت تطلق على جميع السباقات من أى نوع.. وعلى جميع المباريات التى يتخاصم فيها طرفان على نفس القدر من القوة.