أحزاب صغيرة صديقة للبيئة - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:57 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحزاب صغيرة صديقة للبيئة

نشر فى : الجمعة 16 يوليه 2010 - 10:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 16 يوليه 2010 - 10:46 ص

 العبوات الحزبية الصغيرة التى صنعها الحزب الوطنى على عينه ورباها فى حضانته ستنشط خلال الفترة المقبلة، وستسمع وتقرأ أسماء لم تشنف أذنيك من قبل، ستجدهم على شاشات التلفزيون الرسمى وشبه الرسمى وستطالع تصريحاتهم على صفحات الأهرام والأخبار والجمهورية.. باختصار أنت مدعو أو سيجرى اقتيادك بالقوة إلى حفلة سياسية مبتذلة تشبه كثيرا غناء السيد أبوالليف المكون من لحن يبدو فى ظاهره جزلا ورصينا لكنه معبأ بكلام فارغ وتافه من عينة الخرونج والكاويرك.

فى بواكير زمن الفلسفة اليونانية لم يجدوا وسيلة للتشويش على الفيلسوف الحكيم سقراط سوى إغراق الساحة بعشرات من السوفسطائيين يبيعون علوما ومعارف فاسدة مغلفة بسوليفان لامع وبأسعار زهيدة فى متناول الجميع فى محاولة لقتل جدية سقراط وحكمته الحقيقية.. شىء من ذلك يحدث الآن فى السياسة المصرية، استدعاء لأنفار السفسطة السياسية والحزبية من مخازن الحزب الوطنى وإطلاقهم مدججين بالبذاءة والجهل على كل من يشتم فيه رائحة معارضة حقيقية وجدية سواء كانوا أفرادا أو جماعات سياسية أو أحزاب لاتزال تجاهد للاحتفاظ ببقايا تقاليد وممارسة سياسية محترمة.

تلك الأصوات ذاتها تم جلبها فى بدايات ظهور مشروع البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير، غير أنها فشلت فى أداء المهمة المطلوبة فقرروا إعادتها إلى المخازن حتى تأتى مناسبة أخرى قد تكون صالحة للاستعمال فيها.

والآن جاءت المناسبة، وهى أن بعضا من الأشرار ممن يحترمون أنفسهم يريدون مقاطعة انتخابات مجلس الشعب المقبلة على ضوء ما جرى فى انتخابات الشورى من مهازل أكدت أن الحكومة غير جادة فى إجراء انتخابات تتمتع بالحد الأدنى من النظافة والاحترام.. وبناء عليه فتحت الحكومة الصناديق وأطلقت العبوات الحزبية الصغيرة غير الأصلية لتهاجم فكرة المقاطعة وتشتمها بإسفاف وتمزق ملابس المتحمسين لها وتعقرهم فى سمعتهم السياسية بلا هوادة.

وليست هذه هى الفائدة الوحيدة لهذه المنتجات الحزبية المصنعة فى مطابخ الحزب الوطنى السرية، إذ إن للوطنى فيها مآرب أخرى، منها أنه فى حالة اتخاذ الأحزاب الحقيقية قرارا بالمقاطعة يكون لدى حزب الحكومة أكثر من عشرين حزبا آخرين سيجرى النفخ فيها وتلميعها وفتح الصفحات والفضائيات أمامها، باعتبارها من أشرس منافسى الحزب الوطنى الذى يا ولداه سيخوض معركة عنيفة حامية الوطيس فى مواجهة أكثر من عشرين خصما عنيدا وينتهى الفيلم كالعادة بانتصار كاسح للوطنى بعد حرب انتخابية ضروس.

ولعل ما جرى فى انتخابات الرئاسة ٢٠٠٥ كان نموذجا صارخا لقواعد اللعبة كما وضعتها الحكومة.. منافسون تختارهم بنفسها بينما تلعب هى دور الخصم والحكم والجمهور والمعلق والأستوديو التحليلى.

وأغلب الظن أن مباراتى ٢٠١٠ و٢٠١١ ستكونان أكثر هزلا مما جرى فى ٢٠٠٥ بعد أن خرج القضاء المصرى ولم يعد.. ولن يعود، حتى إذا حدثت المعجزة وعاد فإنه سيكون منهك القوى بعد حرب عبثية مجنونة مع المحامين أرادت لها الحكومة أن تمتد لأطول فكرة ممكنة.

وائل قنديل كاتب صحفي