السد العالى والجدار الواطى - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 2:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السد العالى والجدار الواطى

نشر فى : الأحد 17 يناير 2010 - 9:28 ص | آخر تحديث : الأحد 17 يناير 2010 - 9:28 ص

 شاهدتها بأم عينى فى قرى بعلبك وجنوب لبنان، صورة جمال عبدالناصر على فناجين القهوة، قدمتها لى فلاحة لبنانية وحكت كيف كان ذلك أحد شروطها فى جهاز العروس!

لماذا بقى جمال عبدالناصر فى الذاكرة الشعبية العربية، فيما انزلق الآخرون مثل ألواح الثلج على سطح أملس مائل؟

لا تحتاج الإجابة إلى كثير من الجهد.. ففى يناير 1961 ــ مثلا ــ كان جمال عبدالناصر يصفع أمريكا والبنك الدولى معلنا البدء فى بناء سد مصر والعرب العالى، وفى يناير 2010 نصفع مصر والعرب ونبنى الجدار الفولازى الواطى لنحكم عزلة مصر عن الفلسطينيين، وعزلة غزة عن مصر.

فى بناء السد انفجر المصريون والعرب عملا وغناء شفيفا راقيا، وفى بناء الجدار انفجر الجميع غضبا وحزنا وألما من العبث الذى يجرى تسويقه على أنه منتهى الحكمة وممارسة السيادة.

بناء السد كان قفزا وانطلاقا إلى الأعلى، فيما بناء الجدار إلى الأسفل.

فى الأولى كانت حكاية شعب، وفى الثانية هى حكاية حكومة قررت الاستقالة والانسحاب من ماضيها وحاضرها والانكماش داخل جلدها.

فى الأولى كانت الوطنية أن تتعلم وتبنى وتزرع وتعمل وتعرف عدوك وتتهجى حروف (ف ل س ط ى ن) ولا تسأل عن جنسية وردة ونجاح سلام وفريد الأطرش وفيروز، ولا تسأل عن ديانة فؤاد حداد ورمزى زكى وفيليب جلاب ومرسى جميل عزيز وموسى صبرى وجميل راتب.

فى الثانية أصبحت الوطنية أن تلعن الجزائر 3 مرات يوميا، وترقص فى الشوارع وعلى شاشة التليفزيون الرسمى فرحا لهزيمتها من مالاوى، وتدعو على العدو الفلسطينى فى غزة آناء الليل وأطراف النهار، وتبيع الغاز لإسرائيل بثمن بخس ثم تشتريه بسعر أعلى من أوروبا.

فى الأولى بزغ صنع الله إبراهيم ومحمد مستجاب وصبرى موسى وعبدالحليم حافظ والأبنودى وبليغ حمدى والموجى وكمال الطويل ويحيى الطاهر عبدالله وأمل دنقل ومحمود عوض وحمدى قنديل وسلوى حجازى وأمانى ناشد.

وفى الثانية ظهر ممتاز القط و(محمد وعلى وإبراهيم ) وتامر حسنى وتامر أمين وشعبان عبدالرحيم وروبى وهيفاء وسعد الصغير.

فى الأولى كانت مصر متصلة وموصولة ومتواصلة مع الجغرافيا والتاريخ ومع نفسها، والآن تكتفى بتشغيل خاصية «كلمنى شكرا»!

وائل قنديل كاتب صحفي