هل انتهى زمن رأس الحربة الصريح فى كرة القدم؟ - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:22 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل انتهى زمن رأس الحربة الصريح فى كرة القدم؟

نشر فى : الجمعة 17 يونيو 2016 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 17 يونيو 2016 - 8:15 م
- ألمانيا هددت بولندا بكل من موللر وجوتزة ودركسلر وخضيرة وكروس

- المركز أصبح الأن فى الكرةالجديدة وظيفة ودور ومهمة لمجموعة لاعبين
** يقول روى هدسون المدير الفنى لمنتخب إنجلترا: «كنا نعتقد بأن مجرد الاستحواذ على الكرة فى مواجهة ويلز سيمنحنا الفوز لكن الفريق المنافس دافع جيدا وحرمنا من خلق فرص كثيرة».

يدرك هدسون أن الاستحواذ لا قيمة له حين يكون بدون مهارات فردية تبدع، وتجد حلا. وحين يكون بدون سرعة، وحين يكون بدون حركة. وحين يكون بدون ذكاء ملعب، يسميه محللون: ذكاء تكتيكى. وأرجو أن يشاهد هدسون المباراة مرة أخرى، فسوف يرى منتخبه بطيئا جدا، ولا يتحرك، ولا يسرع فى الإيقاع، وسرعات لاعبيه ظلت محاصرة. نعم يستحق منتخب إنجلترا الفوز بكرته البليدة البطيئة والتى لا علاقة لها بالبريمير ليج، يستحق الإنجليز الفوز لأن ويلز لعب مدافعا، ولأن جاريث بيل حضر مرة وسجل هدفا وسط حراسة من خمسة مدافعين فقالت ديلى: كم لاعبا إنجليزيا نحتاج لإيقاف بيل؟!

** فى المقابل، متى يكون الاستحواذ خطرا ومنتجا وإيجابيا.. وما هى معايير قياس درجة خطورة فريق حتى لو لم يسجل فى مباراة؟!

** تلك قصة ألمانيا وبولندا. فالفريق الألمانى امتلك الكرة بنسبة 54 % مقابل 46 لبولندا. وهذا ليس كافيا بمنطق الاستحواذ المسيطر. خاصة أن الفريق البولندى دافع جيدا وتأخر فى عمق صندوقه، وشكل زحاما ومساحات ضيقة أمام مهاجمى ألمانيا أو مجموعة الهجوم الألمانية، وهم جوتزة، وموللر، ودركسلر، وخضيرة، وكروس وهيكتور. ومع ذلك لاحت فرص تهديف لجوتزة، وموللر، ودركسلر وخضيرة أيضا. وتسجيل هدف واحد كان كافيا لأن يتخلى منتخب بولندا عن تحصيناته الدفاعية المتأخرة. لكنه تميز على الرغم من ذلك بشن هجوم مضاد سريع للغاية ويعد هذا الفريق أفضل منتخب يلعب الهجوم المرتد فى العامين الأخيرين.. والخطأ الذى وقع فيه الألمان هو أنهم لم يحاولوا استدراج الفريق البولندى لترك تحصيناته حين يمتلك الكرة، وربما حاول الألمان، ولم تقع بولندا فى الفخ.. بل إنها هى التى حاولت جديا وفعليا استدراج الألمان ودفعهم إلى الاندفاع كى تخلو الساحة للهجوم المضاد.

** بمعايير الفرص كان المنتخب الألمانى قادرا على الفوز. وما صعب المهمة هو أسلوب الدفاع البولندى المركب. فهو يتأخر فى صندوقه ويضغط أمام هذا الصندوق فلكى ترى جيدا أداء ألمانيا وتقيم هذا الأداء عليك أولا أن ترى الفريق البولندى وكيف لعب؟!

.. والواقع أن أداء المنتخب الألمانى مميز للغاية وهو أقوى الفرق فى البطولة، من ناحية القدرة الهجومية. فالفريق يتبادل الكرة بسرعة، ويتحرك لاعبوه بسرعة، ويملكون المهارات الفردية.. وتغيرت كثيرا شخصية منتخب ألمانيا، فكرته لم تعد قليلة التمرير، ومباشرة وطولية، ولكنه يستعمل أسلوب التمرير القصير وتبادل الكرة مع تبادل المراكز. وقد ظل الألمان يمررون، ويمررون، ثم يزيدون ويمررون، إلا أن بولندا كانت ممتازة دفاعيا وهجوميا بأسلوب مختلف.. فالهجوم المضاد أحد أساليب اللعب الهجومية ويطبق كفلسفة. كما الحال فى تاريخ الكرة الإيطالية، أو يطبق كوسيلة مواجهة مع فريق أقوى يملك عناصر هجومية متفوقة فرديا وجماعيا.

** هل كانت ألمانيا حقا تحتاج إلى رأس حربة صريح فى هذه المباراة مثل جوميز أو شورله؟!

** لعبا ولم يحدث تغيير عميق. فرأس الحربة موقعه المعروف هو داخل الصندوق. فماذا يفعل رأس حربة صريح محاصر بحوائط بولندية وأسير لها.. والتغيير يكون لتجديد الحيوية أو للدفع بلاعبين غير محفوظين للخصم بالمتابعة ومن المواجهة فى المباراة. ورأس الحربة الصريح يكاد يوشك على الانقراض، وهو مركز يصلح فى حالة المباريات المفتوحة، غير التكتيكية، والتى تشهد مساحات كبيرة، فالآن هم مجموعة رءوس متنوعة، وفى الكرة القديمة كان رأس الحربة مركزا، ولكنه فى الكرة الجديدة رأس الحربة لاعب يؤدى مهمة وواجبا ودورا ووظيفة وأحيانا رءوس حربة يؤدون الوظيفة والمهمة ويعملون على اختراق دفاعات الخصم.. فالمركز الواحد أصبح مجموعة لاعبين فى الفريق الواحد.
حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.