حول إلغاء دعم المحروقات - سمير أمين - بوابة الشروق
الخميس 28 نوفمبر 2024 11:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حول إلغاء دعم المحروقات

نشر فى : الخميس 17 يوليه 2014 - 8:10 ص | آخر تحديث : الخميس 17 يوليه 2014 - 8:10 ص

يتوقف مغزى الإجراءات التى اتخذتها الحكومة حديثا (ومنها بالأساس إلغاء دعم المحروقات الذى أركز عليه تعليقى) ــ وما يترتب عليه فى مجال إنماء الإنتاج وظروف معيشة الجماهير ـ على إطار السياسة الاقتصادية العامة التى تتم فيها هذه الإجراءات فيمكن أن تكون الإجراءات أداة فى خدمة مواصلة تحكم الليبرالية الفجة الموروثة من النظم السابقة (وهو ما يسعى إليه البنك الدولى) كما يمكنها أن تصبح خطوة فى سبيل إصلاح حقيقى يسعى إلى دفع فاعليية المنظومة الإنتاجية مع مراعاة العدالة الإجتماعية وتدعيم الاستقلال الوطنى. بيد أن هذا الخيار الأخير يقتضى إجراءات مكملة سأتناول تحديدها.

١ــ قام السادات بتفكيك المشروع الناصرى الوطنى التنموى. وفى هذا الإطار تم بيع ممتلكات الدولة لصالح «رجال أعمال» قريبين من السلطة (كبار الضباط والموظفين، تجار أغنياء منحازين للإخوان بعد عودتهم من المنفى الخليجى). والصفقات تمت بأسعار تافهة لا علاقة لها بالقيمة الحقيقية للأصول المعنية. هكذا تكونت طبقة جديدة من الأغنياء الذين تشكلت ثرواتهم دون إضافة تذكر لقدرة الاقتصاد الإنتاجية.

ثم تم تدعيم المواقع الاحتكارية لرأسمالية المحاسيب هذه من خلال دعم موازنة الدولة بأشكال مختلفة، ومنها دعم المحروقات، علما بأن حرية الأسواق طبقا لمبدأ الليبرالية أتاحت لشركات رأسمالية المحاسيب أن ترفع أسعارها حتى تكون قريبة من أسعار البديل المستورد. وبالتالى صار الدعم مصدر لتضخيم أرباحها وتدعيم موقعها الاحتكارى.

ويلاحظ أن منطق هذا الدعم لا علاقة له بما كانت عليه وظيفة الدعم فى الإطار الناصرى والذى استفاد منه القطاع العام فى مقابل قبوله أسعار منخفضة لصالح المستهلك.

•••

٢ــ لكى يصبح إلغاء دعم المحروقات خطوة فى سبيل إنعاش الإنتاج وإنجاز العدالة الاجتماعية وتدعيم الاستقلال الوطنى لابد أن يصاحب هذا الإجراء بإجراءات مكملة تسعى إلى التخلى عن تحكم رأسمالية المحاسيب ومنها:

أولا: إعادة النظر فى صفقات بيع موجودات الدولة وتحويل ملكيتها إلى كيان عام جديد يحدد رأسماله بقيمة الموجودات المعنية الصحيحة، وأن تكون حصة المشترى السابق تعادل ما دفعه فيكون الباقى ملكا للدولة.

ثانيا: إصلاح سياسة الائتمان والتخلص من المغالاة فى تقديم قروض سهلة للاحتكارات وإعادة توجيه القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة النشطة.

ثالثا: إصلاح النظام الضريبى وإدخال ضريبة تصاعدية على الأرباح حتى تمتص فائض أرباح القطاع الاحتكارى وذلك لأن مبدأ حرية الأسواق (ولا أتصور التخلى عنه فى الأجل المنظور) يسمح للاحتكارات تعويض الخسارة التى يسببها إلغاء الدعم المذكور من خلال رفع الأسعار. علما أيضا بأن الضريبة على معاملات البورصة لا تمس جوهر الموضوع.

رابعا: اتخاذ مجموعة من الإجراءات تسعى إلى تحسين وضع الطبقات الشعبية العاملة فإلغاء دعم المحروقات ــ ولو أنه يخص بالأساس الاحتكارات ــ إلا أنه سيسبب أيضا (فى ظل حرية الأسواق) رفع الأسعار المترتب على ارتفاع تكاليف النقل وغيره، أى تدهور ظروف المعيشة بالنسبة للجماهير الشعبية. فلابد من رفع الحد الأدنى للأجور إلى المستوى المطلوب حتى يعوض بالفعل النفقات الإضافية المتوقعة. بل يجب إدخال مبدأ السلم المتحرك حتى يضبط الحد الأدنى للأجور فى المستقبل لما قد يحدث من ارتفاع فى الأسعار.

سيجد القارئ مزيدا من التفسير فى مغزى وإمكانية تنفيذ هذا البرنامج فى كتابى ( ثورة مصر بعد ٣٠ يونيو. الفصل الأول)

سمير أمين خبير اقتصادي ورئيس المنتدى العالمي للبدائل بداكار
التعليقات