مع اشتداد المنافسة بين اللاعبين فى سيرك التوريث نسف كثيرون حماماتهم القديمة وتخلوا عما كانوا يعتبرونه ثوابت لا تتبدل، فيما استحدث لاعبون صغار وسائل إبهار جديدة.. بينما قرر آخرون إجراء تعديلات تكتيكية فى الشوط الأخير من المباراة.
بدأت المسألة برسائل عرض الخدمات واستعراض المهارات أمام جمال مبارك، طمعا فى فرصة على حساب طاقمه القديم، غير أن الرسالة الأولى لم تؤت أكلها، فكان أن نسى رئيس تحرير المصرى اليوم ــ أو تناسى ــ إكمالها كما وعد، وبعد أكثر من أسبوع من الصمت المريب عاد مضحكا للغاية ليقول إن ما منعه من توجيه باقى الرسالة هو تقديره لقيمة الخيال فى الوجود الإنسانى، حيث قرر أن يتلطف على عباد الله ببعض الفوازير المسلية مفسحا لهم المجال كى يتخيلوا باقى الرسالة ورد الوريث عليها، على طريقة برامج الأطفال قبل اختراع الساتلايت والكمبيوتر.
ويبدو أن مصير الرسالة الثانية كمصير سابقتها، لم يستدل على العنوان، أو أن المعنى بها رفض استقبالها، وربما لم يلتفت لها أصلا، ولم يكن أمام رئيس تحرير المصرى لكى يخرج من هذه الورطة إلا أن يطلق بعض صواريخ الألعاب النارية العشوائية، لاعنا روز اليوسف وكل من خرج منها مرة، ومتباكيا عليها فى اليوم التالى على نحو مثير للشفقة، إلى الحد الذى يتمنى فيه كاتب هذه السطور أن يصنع جمال مبارك معروفا ويرد عليه، وأقترح على كاتب الرسائل أن يجرب خدمة «كلمنى شكرا» وسيرد الطرف الثانى فى يوم من الأيام.
وليس بعيدا عن أكروبات سيرك التوريث، ما يصدر من إشارات دالة وموحية من أطراف سياسية عديدة منذ أسابيع، يأتى على رأسها ما تفعله جماعة الإخوان المسلمين التى لا تفعل شيئا طوال الأسبوع الماضى سوى نفى علاقتها بأية حركات أو جبهات أو تجمعات تحتشد ضد موضوع التوريث.
وبعد انفصال الجماعة عن كفاية قبل عامين تقريبا، يعاود الإخوان توجيه رسائل إلى النظام بشأن موضوع التوريث، وفق منطق الصفقات الموسمية العابرة الذى يحكم سوق السياسة فى مصر.
من ذلك مثلا أن الجماعة نفت ولاتزال تنفى صلتها بطرح مرشح توافقى لانتخابات الرئاسة تحت سقف «ائتلاف المصريين من أجل التغيير» وكما جاء فى موقع «المصريون» على لسان الدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد الإخوان فإنه «لا صحة جملة وتفصيلا حول اعتزام الجماعة المشاركة فى اجتماعات للاتفاق على اختيار مرشح للانتخابات الرئاسية المقررة فى 2011، موضحا أن أيا من أعضاء «الإخوان» لم يحضر حفل الإفطار الذى نظمته «كفاية»، وأنه اعتذر عن عدم الحضور، نظرا لظروف سفره خارج القاهرة».
وهذه العصبية الواضحة فى النفى، لا تجدها فى كلمات المرشد العام للجماعة على صفحات الزميلة «الوفد» أمس حول موقف الجماعة غير الواضح «إضراب الحلل» الذى دعا إليه شباب أبريل.
وليس بعيدا عن هذه الرسائل المباشرة، تلك البادرة اللافتة من إخوان لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب الذين سيروا قوافل مساعدات لتلاميذ غزة ترفع شعار «هدية من الشهيد محمد علاء مبارك» ورغم نفى القيادى بالجامعة الدكتور إبراهيم الزعفرانى اعتبار ذلك نوعا من مغازلة النظام، إلا أن توقيت صدور هذه الإشارات ونحن على أبواب مرحلة ساخنة عنوانها الأساسى التوريث والانتخابات الرئاسية له دلالاته التى لا تخطئها العين.
إنه سيرك التوريث يفتح أبوابه يا صديقى.. احجز مقعدك من الآن وتأهب للفرجة.
wquandil@shorouknews.com