هل كان الدكتور مصطفى الفقى أستاذ العلوم السياسية يعمل فى مؤسسة محترمة، اسمها مؤسسة الرئاسة، أم كان يعمل ملاحظ أنفار أو «خولى» فى عزبة أو مزرعة يملكها أحد الباشوات؟
يبدو أن البعض يحط من قدر مؤسسة الرئاسة ويحتقرها إلى حد يجعله يرى أنه لا يحق للفقى الإدلاء برأيه فى أى شأن يخص هذه «العزبة» بعد ترك العمل بها وإلا يكون كمن «يعض اليد التى مدت إليه» وفق تعبير الزميل المحترم جدا رئيس تحرير مطبوعة المساء.
لقد ترك الفقى موقعه كسكرتير لرئيس الجمهورية لشئون المعلومات منذ 18 عاما وانشغل بالشأن العام كمثقف وكاتب لاقى انتقادات لا حصر لها من مختلف ألوان الطيف السياسى فى مصر باعتباره منافحا عن النظام ظالما ومظلوما، فى أى وقت وفى كل مكان، كما تعرض لسيل من الهجوم فى مناسبات عديدة بسبب إخلاصه المبالغ فيه وغير المبرر أحيانا للنظام السياسى المصرى، ودفاعه المستميت عنه فى مناسبات عديدة بالحق وبالباطل.
وفى هذا المكان وجهت انتقادات عنيفة للدكتور الفقى غير مرة، فى مواقف بدا لى فيها كمحام ماهر يدافع عن قضية خاسرة بامتياز، ورغم ذلك أشهد بأن الرجل كان لطيفا ومحترما إلى أبعد مدى وهو يعاتب أو يوضح أو يناقش ما اختلفنا فيه.
وكانت تدهشنى على الدوام قدرة مصطفى الفقى على الاحتفاظ بخيوط من التواصل مع أشرس معارضيه حتى وهو يدافع عن سياسات النظام فى قضايا عديدة، كان الدفاع عنها أشبه بإمساك أسلاك كهرباء الضغط العالى بالأصابع.
غاية القول أن الفقى كان ولا يزال فى نظرى ونظر كثيرين حالة أو مركبا سياسيا شديد التعقيد يقف على مسافة متساوية من الحكومة والمعارضة والناصريين والساداتيين والقوميين والليبراليين والمستقلين والرسميين على نحو يجعله الخصم والصديق دائما.
حتى جاء تصريح الفقى الأخير عن مواصفات رئيس مصر القادم وحكاية الموافقة الأمريكية وعدم الاعتراض الإسرائيلى، والذى كان أشبه بلغم انفجر تحت قدميه، وفتح عليه أبواب جهنم لمجرد أنه بدا لأول مرة خارج سرب كتبة النظام وحراس المقام الرفيع.
وأزعم أنه يمكن الاختلاف إلى أبعد مدى مع طرح الفقى الأخير، أو الاتفاق معه، أو مناقشته، لكن المؤكد أن أحدا من المحترمين فى هذا البلد لا يجب أن يقف صامتا أمام محاولات اغتيال الفقى أخلاقيا ومعنويا بالطعن والغمز فى سمعته الشخصية لأن الرجل مارس حقه فى التعبير عن وجهة نظره بشأن القضايا المطروحة فى الساحة السياسية.
وأحسب أن الرجل أحسن صنعا حين لجأ إلى النائب العام طالبا الحماية من رصاصات القناصة وخفراء المزرعة.
wquandil@shorouknews.com