إذن.. بوضوح شديد، ومن غير لف ودوران لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية ولا انتخابات حقيقية، نزيهة ومحترمة، وجادة، طالما بقيت العلاقات المصرية الأمريكية سمنا على عسل.
هذا هو المعنى المباشر والصريح لتصريحات الدكتور مصطفى الفقى، النائب البرلمانى عن الحزب الوطنى حاليا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب وسكرتير الرئيس مبارك للمعلومات والسفير السابق وأحد رجال النظام الحالى، مهما أقسم بكل أيمان الدنيا على أنه غير ذلك.
الفقى ابن النظام المخلص، حتى وإن كان خارج التشكيل الأساسى وبقى على دكة البدلاء، يقول فى حوار متلفز على قناة «أو.تى.فى» إن أمريكا تحتاج من مصر أن تكون أداة ضاربة لها فى المنطقة، ثم لا يتركنا الرجل نفكر طويلا فى معنى العبارة.
حيث يصدمنا بما هو أكثر بقوله إن إجراء انتخابات نزيهة فى مصر ليس فى صالح أمريكا لأن أى انتخابات حرة سوف تأتى باثنتين وعشرين حكومة ضد الولايات المتحدة مفسرا ذلك بأن الرأى العام العربى ساخط على الأمريكان.
والمعنى الواضح لهذه الاعترافات المدهشة للدكتور مصطفى الفقى أن وجوده هو شخصيا كنائب عن الحزب الوطنى فى مجلس الشعب غير شرعى وغير قانونى، لأنه لم يأت للبرلمان عبر انتخابات سليمة وحرة ونزيهة، وحسب عباراته على الهواء مباشرة فإن إجراء انتخابات سليمة يعنى بالضرورة فوز كتل وجماعات سياسية لا تدور فى فلك أجندة الولايات المتحدة فى مصر والمنطقة العربية.
وبمقياس الفقى لو كانت الأمور تحسب بدرجة الاقتراب والابتعاد عن السياسة الأمريكية لكان الحزب الوطنى الآن فى مقاعد الأقلية البرلمانية المتواضعة للغاية.
غير أن أخطر ما فى الموضوع أن الفقى يوجه رسالة إلى من يهمه الأمر مؤداها أنه طالما بقيت العلاقات الرسمية بين القاهرة وواشنطن على هذا النحو من التفاهم والتآلف والتحالف الاستراتيجى، فإن موضوع الإصلاح مؤجل أو مسكوت عنه، أو غير مطروح من الأساس على الطاولة.
ولا يبتعد الفقى كثيرا عن الحقيقة، وهو يضع محددات العلاقة المصرية ــ الأمريكية وأولوياتها التى يأتى على رأسها الاصطفاف ضد إيران ومشروعها النووى، ومن ثم يتراجع أو يخفت أو حتى يخمد حديث الإصلاح.
والشىء نفسه ينطبق على قضية مستقبل الحكم فى مصر بعد الرئيس مبارك إذ لا تبدو لهذا الموضوع أهمية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، إذا ما وضع أمام الترتيبات الإقليمية وخطط السلام والتحالف ضد إيران، وهو ما ظهر واضحا فى حوار الرئيس مع الصحفى الأمريكى تشارلز روز، حيث ترك مبارك الأب المسألة مفتوحة لكل الاحتمالات، ولم يؤكد أو ينفى على أساس أنه لم يتحدث مع ابنه جمال فى هذا الأمر مطلقا.
و لا أدرى كيف لا يكون الموضوع مطروحا بين الرئيس وابنه طوال عشر سنوات على الأقل يتعاطى فيها الإعلام الرسمى والخاص بشراهة حكايات التوريث، قبل الأكل وبعده.
وأحسب أن ملفا حساسا بهذا القدر لابد إنه كان حاضرا يوما فى مناسبة عائلية أو على مائدة طعام، ولو على سبيل الاستفسار والاطمئنان كما يدور داخل جميع الأسر المصرية.
وأزعم أنه طوال هذا السنوات ربما كان حديث التوريث قبل الخبز أحيانا.
wquandil@shorouknews.com