•• كانت دول أمريكا الجنوبية تتوقع أن يسند إلى إحداها تنظيم الكأس الثالثة، بعد فوز إيطاليا بشرف تنظيم البطولة الثانية وتقدمت الأرجنتين بطلب استضافة الكأس، لكن الفيفا أسندها إلى فرنسا بعد الاجتماع الذى عقده فى دار أوبرا كرول فى برلين 1936 وقاطعت معظم دول أمريكا اللاتينية هذه البطولة، وان كانت الأرجنتين قد أعلنت عن اشتراكها ثم انسحبت، بينما اشتركت البرازيل وتخلفت أسبانيا بسبب الحرب الأهلية وانسحبت مصر من تصفيات المجموعة الثالثة، وكانت ستلعب مع رومانيا.. اما النمسا فقد غابت عن الدورة، ولغيابها حكاية فقد لعبت وفازت ببطولة المجموعة السابعة، وصعدت للنهائيات، لكنها لم تتمكن من الذهاب لفرنسا لعذر قهرى، فقد احتلتها ألمانيا، وضمتها إلى الرايخ الثالث، وذلك بعد أن ادعى أدولف هتلر أن النمسا أرض ألمانية، وان البلدين دولة واحدة، لأنهما يتكلمان لغة واحدة والطريف فى الموضوع أن جوزيف هربرجر مدير الفريق الألمانى احتل هو أيضا منتخب النمسا وضم أربعة من لاعبيه إلى منتخب ألمانيا المشارك فى الكأس.
•• وفى الدور الأول استطاعت سويسرا أن تتعادل مع ألمانيا 1/1 فى المباراة الأولى، ثم فازت فى مباراة الإعادة 4/2 لتخرج ألمانيا من البطولة، وغضب أدولف هتلر غضبا شديدا، لدرجة أن هناك نكتة كروية تقول: إنه أعلن الحرب، واكتسح أوروبا بعد ذلك، ليرد اعتبار الكرة الألمانية، أما الفريق الإيطالى حامل اللقب فى 1934، وبطل دورة الألعاب الأوليمبية فى 1936 فقد تعرض للإحراج الشديد أمام النرويج التى تشارك فى البطولة لأول مرة حيث تعادل الفريقان فى الوقت الأصلى 1/1، وخطفت إيطاليا الفوز بصعوبة فى الوقت الإضافى بينما أهدر لاعبو النرويج أهدافا لا تعد.
•• الدور الثانى شهد بجانب المفاجآت، مذابح ومعارك، حيث أطل العنف الأسود بلونه الكئيب على مباريات البطولة فقد أسفرت مباراة البرازيل وتشيكوسلوفاكيا عن كسر ساق نيدجدلى التشيكى، وكسر ذراع حارس مرمى الفريق بلانيكا، وتهتك فى بطن زميلهما كوستاليك بينما أصيب من البرازيليين ليونيداس داسيلفا أو الماسة السوداء كما لقبه النقاد، وكذلك زميله بيراشيو وقام الحكم المجرى الذى أدار المباراة بطرد ثلاثة لاعبين، واحد من تشيكوسلوفاكيا، واثنان من البرازيل، التى فازت بعد ذلك فى مباراة الإعادة 2/1 بعد تعادل الفريقين 1/1 فى اللقاء الأول الذى كان معركة.
•• فى الدور قبل النهائى أصابت الدهشة كل الناس الذين كانوا ينظرون إلى الملعب، ويرون الفريق البرازيلى بدون نجميه ليونيداس وتيم، فى مباراة إيطاليا حاملة اللقب، وكان مدرب البرازيل بيمنتا قد قرر توفيرهما للمباراة النهائية، فدفع ثمن غروره، وخرج من الدور قبل النهائى، بعد فوز إيطاليا 2/1 وبعد سنوات طويلة أعاد التاريخ نفسه، وضاع البرازيليون بسبب غرورهم وجبروتهم، إذ خسروا أمام إيطاليا فى الدور قبل النهائى بأسبانيا عام 1982، وهى مصادفة بحتة أن يكون التاريخ بهذه الدقة وهو يعاد.
•• جوج ساروسى قائد الهجوم المجرى كان طبيبا، ولاعبا فنانا، ونال شهرة واسعة فى هذه البطولة مثل البرازيلى ليونيداس الفذ، وبيولا الإيطالى، وروميو لاعب البرازيل الذى خطف الأضواء باسمه قبل لعبه، لأنه على اسم العاشق الإيطالى الشهير فى رائعة شكسبير روميو وجوليت.
كذلك كان ظهير البرازيل الأيسر ناريز متخصصا فى جراحة العظام، وكان يقوم بمعالجة زملائه ومنافسيه، وذلك حتى انكسر معصمه فى مباراة الإعادة مع تشيكوسلوفاكيا.
•• عبرت مباراة البرازيل وبولندا (6/5)، عن الكرة فى هذا العصر، الثلاثينيات، وكيف كان اللعب مفتوحا، والمساحات واسعة، والمهارة الفردية هى الفيصل. البرازيليون يلعبون فى كأس العالم للمرة الثالثة، وبولندا تأتى لأول مرة، والنقاد كلهم يرشحون البرازيل ليس للفوز فحسب، وإنما لنصب السيرك على البولنديين.
بدأ البرازيليون المباراة بمنتهى الثقة، وتألقوا فى ملعب مدينة ستراسبورج، وسجلوا ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد لبولندا. وأهداف البرازيل الثلاثة سجلها (الماسة السوداء) (ليونيداس) قلب الهجوم، وسجل (ايرنست ويلموفسكى) هدف بولندا. وفى الشوط الثانى أضاف (ويلموفسكى) ثلاثة أهداف أخرى ردا على هدف رابع سجله (ليونيداس)، وكانت الموقعة بينهما فى الواقع، وانتهى الوقت الأصلى بتعادل الفريقين (4/4) وفى الوقت الإضافى سجل (بيراسبو) للبرازيل، وتعادل (بيونتيك) لبولندا، وقبل نهاية المباراة بدقائق أحرز (روميو) الهدف الحاسم والفاصل للبرازيل لتفوز (6/5) وسط دهشة الجميع. وقد علل النقاد هذا التفاوت فى مستوى البرازيل بين الشوطين بهطول الأمطار بعد الشوط الأول الذى شهد كل فنون الكرة من أبناء الأمازون وعندما تحول الملعب إلى بركة مياه توقفت الماكينة البرازيلية حتى أنقذها (روميو).