كعادة أصدقائى على الفيس بوك يعلموننى الكثير. كتبت على الفيس بوك العبارة التالية: «لم يحترم المجلس العسكرى نتيجة الاستفتاء الدستورى، ولم يخضع لأحكامه، ولم يقدم القدوة الحسنة، وقدم سابقة الاستخفاف به وبما يقتضيه، فمن الصعب جدا أن يطلب من الآخرين أن يفعلوا ما لم يفعله هو. سواء كان وقع فى فخ نصب له، أو لديه ما يخفيه، فالتعجيل بانتخابات الرئاسة، والبعد تماما عن محاولة لعب دور من «يتحكم ولا يحكم» هو الأمضى لإرادة الأمة والأفضل لتحقيق مصالحها. مصريو 2012 مختلفون عن مصريى 1952».
تباينت ردود أصدقائى الفيس بوكيين. وقادنى تساؤل أحد الأصدقاء لأن أقول إن: «من أكثر من ينتقد المجلس العسكرى الآن بسبب التباطؤ فى تسليم السلطة هم الذين طالبوه بأن يؤجل الانتخابات خوفا من الإسلاميين وكأنهم يخافون من الديمقراطية على الليبرالية. وها هم الآن يستشعرون بأنهم سيفقدون الاثنين». الديمقراطية المصرية كانت ستنتج برلمانا يغلب عليه إسلاميون فى كل الأحوال، (على الأقل هذا واضح فى كتابى «المسلمون والديمقراطية» قبل الثورة بسنوات خمس) وقد تم اختزال الليبرالية عند البعض فى بعض الحقوق الشخصية (طعاما وشرابا وملابس ومعاملات شخصية) مع أن كل هذه ليست إلا بعض مظاهر الليبرالية التى جوهرها يتضمن احترام حقوق الآخرين فى الاختيار سواء كانوا من الأقلية أو الأغلبية. والغريب أن من طالب بتأجيل الانتخابات خسر من التأجيل أكثر، بل حتى اختيارهم لشكل النظام الانتخابى بتغليب نظام القائمة خسر بسببها أكثر من خسارته فى انتخابات الفردى.
وعلى هذا جاء أحد التعليقات ساخرا: «النخبة فى مصر عاملين زى اللى مش فاهم حاجة فعمال يلعب فى كل الزراير». والخوف أن يدمروا الجهاز (كناية عن الوطن).
وعلق آخر قائلا: «كل النخبة كمن اعتاد أن يركب عربية كارو....وفجأة كسب سيارة أتوماتيك.... ومطلوب منه أن يقودها» من غير ما حد يدربه على قيادتها وآداب القيادة.
وجاءت إحدى التعليقات متعاطفة مع المجلس العسكرى وكأنها تقول المجلس العسكرى سيكون دائما مخطئا من وجهة نظر قطاع ما فى المجتمع: «فلو حاول أن يلتزم بنتائج الاستفتاء فسيقولون عنه عقد صفقة مع الإخوان والشباب غير جاهز وأنه يساعد الفلول والثورة المضادة. ولو أجل الانتخابات كى يستعد الشباب للانتخابات، سيقال عنه طامع فى السلطة. ولو حاول يطمئن الليبراليين ويعمل وثيقة مبادىء استرشادية للدستور، فسيتهم بأنه يتدخل فى عمل الدستور ويقضى على شرعية الجمعية التأسيسية.. بجد معادلة صعبة».
تعليقى على الإسهام السابق كان: المجلس كان ممكن يعمل الشىء الوحيد الصحيح من وجهة نظرى (بالالتزام بنتيجة الاستفتاء سواء كانت بنعم أو لا) ويظن فيه البعض سوءا، بدلا من أن يعمل الغلط ويظن به الجميع سوءا.
ختاما أقول، «لو هناك من فائدة لكل هذه التعقيدات والتخبطات، فهو تدريب معقد فى فضيلة احترام إرادة الشعب وعدم العبث بها. لو كان هناك من رأى أن إرادة الأغلبية خطأ بنسبة ٨٠ بالمائة مثلا، فالانحراف عن نتيجة الاستفتاء كانت خطأ بنسبة ١٠٠ بالمائة. هذا درس قاس علينا أن نتعلمه إن كانت مسألة العيش المشترك جزءا من حساباتنا».
تعليق أخير: سلاسل الثورة التى يقوم بها الشباب المنتمى إلى حركة «مصرنا»، رسالة واضحة وراقية بأن هذا الشباب يريد للثورة أن تكتمل وللدولة أن تنتظم، للنهضة أن تتحقق وللعدل أن ينتشر، فهم ليسوا دعاة فوضى ولا راغبى سلطة. هم فقط جنود فى وطن يئن من سوء إدارة كباره له، وسوء ظن أهله ببعضهم البعض.