أعداء الحقيقة - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 1:35 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أعداء الحقيقة

نشر فى : السبت 22 ديسمبر 2018 - 11:25 م | آخر تحديث : السبت 22 ديسمبر 2018 - 11:25 م

كما جرت العادة مع اقتراب نهاية كل عام، أصدرت منظمة «مراسلون بلا حدود» الأسبوع الماضى تقريرها السنوى عن مؤشر حرية الصحافة لعام 2018، والذى يقيس أوضاع الصحافة فى 180 بلدا حول العالم، وكالعادة أيضا، جاءت مصر فى ذيل قائمة الدول التى تحترم حرية الصحافة لتحتل المركز (161).
وللعام الثانى على التوالى وضعت مصر ضمن دول الفئة السوداء «الأكثر خطرا» على خريطة حرية الصحافة، ووفقا لتقرير المنظمة التى حجب موقعها فى مصر قبل عام، فإن العداء للصحفيين يتزايد، وكراهية الاعلام لم تعد مقتصرة على «دول استبدادية» مثل تركيا التى جاءت فى الترتيب «157» ومصر «161»، حيث أصبح الخوف من وسائل الإعلام واضحا جدا لدرجة أن الصحفيين يواجهون بشكل روتينى تهمًا متعلقة بالإرهاب.
وبنتيجة قريبة من التقرير الذى صدر عن اللجنة الدولية لحماية الصحفيين الذى صدر قبل منصف الشهر الجارى، انتهى تقرير «مراسلون بلا حدود» إلى أن مصر مع الصين وتركيا والسعودية تعد الدول الأكثر سجنًا للصحفيين، لافتا إلى أن المزيد من القادة المنتخبين ديمقراطيا لم يعودوا ينظرون إلى الإعلام «باعتباره جزءا من الدعامة الأساسية للديمقراطية، بل خصما يظهرون نفورهم منه علنًا».
وقالت المنظمة إن وسائل الإعلام المستقلة والصحفيين فى مصر معرضون دائما للاتهام بالانضمام إلى جماعات إرهابية خاصة من يعمل منهم فى وسائل إعلام مستقلة.
وقالت المنظمة فى تقريرها إن البلدان التى تقع فى ذيل قائمة «مؤشر حرية الصحافة» لا تزال أنظمتها تحاول السيطرة على الصحافة، وتلاحق الصحفيين قضائيا وتضايقهم كلما حاولوا التطرق إلى قضايا مثل الرشوة والتهرّب الضريبى، مشيرة إلى أن تزايد الرقابة بشكل عام، وعلى الإنترنت خاصة فى منطقة الشرق الأوسط تجعل ممارسة الصحافة أمرا خطيرا للغاية.
وقال رئيس منظمة «مراسلون بلا حدود»، كريستوف دولوار، إن «الكراهية ضد الصحفيين من أخطر التهديدات للديمقراطيات، وأن القادة السياسيين الذين يزكون احتقار الصحفيين يقوضون مبدأ النقاش العام القائم على الحقائق بدلا من الدعاية»، لافتا إلى أن «الطعن فى شرعية الصحافة بمثابة اللعب بنار سياسية خطيرة جدا».
ما قدمه التقرير ليس بجديد، فالجميع يعلم أن الصحافة فى دولنا تمر بمحنة غير مسبوقة، وأن العمل فى الصحافة صار مغامرة غير محسوبة، وهو ما دفع عددا كبيرا من الزملاء إلى هجر المهنة واللجوء إلى أعمال أخرى أقل خطرا وأكثر استقرارا.
حصار الصحافة ومنع الصحفيين من إعلام الشعوب بما يحدث ويجرى فى دهاليز مؤسسات الدولة، لن يضع بلادنا العربية على طريق التقدم والنمو بل العكس هو الصحيح، «فكلما تراجعت مستويات حرية الصحافة فى الدول تزايدت معدلات الفساد، والدول الأكثر فسادا هى الأقل فى حرية الصحافة»، بحسب تعبير التقرير الأخير لمنظمة الشفافية الدولية الذى وضع مصر ضمن الدول الأكثر فسادا فى العالم لتحتل المركز 117 فى مؤشر الفساد من بين 180 دولة.
والسبب الذى أدى إلى شيوع الفساد فى عدد من دول المنطقة هو «الحملات الكثيفة التى تشنها الحكومات على منظمات المجتمع المدنى والمعارضة السياسية وحرية التعبير ووسائل الإعلام المستقلة»، بحسب تقرير المنظمة العالمية.
الدائرة مفرغة، فكلما زاد حصار الصحافة وغُيِّب المواطن عن الحقائق، كلما زاد الفساد والمحسوبية وتضاعفت أزمات المجتمع، فلا نمو ولا تنمية دون وجود صحافة حرة تعرض الحقيقة وتعرض الأفكار والرؤى على اختلافها وتباينها.

التعليقات