الجمعية المصرية لتاريخ العلوم - محمد زهران - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجمعية المصرية لتاريخ العلوم

نشر فى : السبت 23 فبراير 2019 - 10:05 م | آخر تحديث : السبت 23 فبراير 2019 - 10:05 م

 عنوان هذا المقال قد يكون أمنية أو نداء، قبل كتابة المقال أخذت أبحث على شبكة الإنترنت على "الجمعية المصرية لتاريخ العلوم" أملاً أن يكون عندنا جمعية بهذا الإسم، وقد وجدت بعد عملية بحث سريعة بعض الصفحات هنا وهناك عن وجود مثل هذه الجمعية بل ولها مجلة ولكن تلك الجمعية التي ظهرت للدنيا منذ عدة عقود لم يعد لها نشاط أو على الأقل لها نشاط لا تضعه على الإنترنت، وقد وجدت أيضاً أن هناك مجلة بعنوان "مجلة الجمعية المصرية لتاريخ العلوم" قد صدر منها عدة أعداد (حوالي تسعة) منذ عام 1952 ثم إحتجبت، إذاً وبعد هذا البحث السريع يتحول هذا المقال إلى أمنية ونداء معاً بتفعيل أو إنشاء الجمعية المصرية لتاريخ العلوم وتكون مختصة بتاريخ علماء مصر في المائة (أو المائتي) عام الأخيرة لتعريف الأجيال الجديدة بنجوم ساطعة أثرت العقل المصري بل والعالمي في بعض الأحيان بأفكار خلاقة إبتكروها وهم يعملون في ظروف صعبة من قلة إمكانيات وإحتلال أجنبي  .. إلخ.
كاتب هذه السطور حاول (ومازال) إلقاء الضوء على تلكم النجوم في مقالات عديدة وسيحاول إكمال ما بدأه إن شاء الله في مقالات آتية ولكن مجهود فرد واحد لا يكفي.

 أهمية هذه الجمعية تنبع من شيئين: أولاً تعريف الأجيال الجديدة بالعلماء المصريين في تاريخنا الحديث في عصر لا يعرف فيه الشباب شيئاً عن العلماء إلا المشهورين منهم، هذه المعرفة تعطي دفعة قوية لهذا الجيل للتوجه ناحية العلوم ولمواجهة الصعاب وقد تحدثنا في مقال سابق عن الفوائد التي نجنيها من قراءة سير العلماء مثل التعلم من لحظات الفشل وتعلم طريقة التفكير العلمي حين تشرح السيرة طريقة تفكير عالم ... إلخ ، السبب الثاني هو معرفة تاريخ العلوم الحديث وتاريخ المكتشفات العلمية وقد تحدثنا في هذا الموضوع أيضاً في مقال سابق وقلنا أن الإكتشافات العلمية لا تحدث فجأة ولكن تكون نتاج تعب عدة سنوات وأن فشل تجربة ما أو مشروع بحثي معين فيه من الخير ما لا يلتفت إليه الكثيرون مثل الدروس المستفادة العلمية منها والنفسية وأن البحث العلمي ليس مجهوداً فردياً ولكن عمل جماعي خاصة في عصرنا هذا حيث وصل العلم من التعقيد بحيث لا يستطيع شخص وحيد أن يقدم فيه الكثير ... لكل هذه الأسباب نحتاج إلى الجمعة المصرية لتاريخ العلوم.

 طبعاً إنشاء هذه الجمعية (أو إعادة إحيائها) لا يخلو من صعوبات، منها مثلاً فتور الحماس لأننا من عادتنا أن نبدأ الأشياء بحماس ثم يفتر هذا الحماس بعد وقت أو الإحساس بعدم جدوى ما تفعله هذه الجمعية، الصعوبة الثانية هي الحصول على التمويل اللازم وإدارة الشئون الماليه لهذه الجمعية فالأعضاء يعملون تطوعاً ولكن نشاط الجمعية يحتاج إلى المال من أجل تنظيم فاعليات وإنشاء مجلة وتجميع معلومات العلماء وإنشاء موقع على الإنترنت ...إلخ، طبعاً هناك أيضاً إيجاد الوقت والمتطوعين للعمل في الجمعية لأن المتطوعين سيكون لهم بالتأكيد أعمال أخرى ... لكن إذا وُجد الحماس والإقتناع فكل شئ سيهون.

 توجد حول العالم جمعيات عدة مهتمة بتاريخ العلوم مثل جمعية تاريخ العلوم أو  (History of Science Society) وهي من أكبر الجمعيات في العالم التي تهتم بتاريخ العلوم والتكنولوجيا وتأثيرهما على ثقافة وحياة الشعوب، أنشأت سنة 1924 لذلك تعد من أقدم الجمعيات في هذا الشأن وتنشر عدة مجلات كما أنها تنظم مؤتمراً سنوياً للأبحاث المتخصصة في تاريخ العلوم كما أنها تقدم خدمات للمؤسسات والشركات والسياسيين عن تاريخ علم معين أو تكنولوجيا معينة وهذه المعلومة التاريخية قد تساعد في بحث علمي أو تساعد متخذي القرار في موضوع معين، إذا فهناك تجارب ناجهة لهذا النوع من الجمعيات فلما لا نتعلم من تجارب الغير ونمصر هذه التجربة؟

 أحب أن أقول أن مشروع الجمعية المصرية لتاريخ العلوم ليس مشروعاً ترفيهياً ولكنه يقوي الجذور المرتبطة بالوطن ويقوى حب الأجيال الجديدة للعلم والبحث العلمي بل ويساعد على تعلم طريقة التفكير العلمية، هل ترى عزيزي القارئ أنني أحلم أو "إن ده مش وقته"؟ أم أنك تشعر مثلي بأهمية ذلك؟ هل نحلم بوجود مؤرخين علميين عندنا؟ هل نحلم بوجود تخصص الصحافة العلمية في كل كليات الصحافة عندنا وله كرسي أستاذية؟ ... على العموم كل شئ يبدأ بحلم!

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات