نشرت صحيفة The New York Times مقالا للكاتب نيكولاس كريستوف، يؤكد فيه أن سياسة ترامب الخارجية الداعمة للرؤساء الديكتاتوريين، أمثال الرئيس الروسى بوتين، تعرض العالم الحر والنظام الدولى الذى بنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية للانهيار، وتعزز الادعاء القائل بأن القوى الكبرى قادرة على فعل أى شىء والاستيلاء على كل ما تريد (فى إشارة إلى احتمالية تحرك الصين ضد تايوان)... نعرض من المقال ما يلى:
استهل الكاتب حديثه بالقول: إن ترامب يلحق ضررا هائلا بالنظام الدولى الذى نشأ بعد الحرب العالمية الثانية والذى يعد المصدر الرئيس لزعامة الولايات المتحدة على العالم. فهو يحطم كل شىء ويجعل العالم أكثر خطورة، إذ يقف إلى جانب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ويسمم العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة القدامى (الحلفاء الأوروبيون)، ويدفع هذا التحالف نحو التفكك.
ويضيف الكاتب: كان قد أخبرنى كريس باتن، رئيس حزب المحافظين البريطانى السابق ورئيس الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى أن ترامب وأوليجاركيته يخربون شبكة المنظمات والاتفاقيات والقيم - التى وضعتها أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية - والتى أعطت معظم الدول الغربية، بما فى ذلك أمريكا، درجة غير عادية من السلام والازدهار.
لغة باتن القاسية تعكس المعاناة التى تعيشها أوروبا، فهو عاشق لأمريكا طيلة حياته. إذ قال: «أنا أحب أمريكا وكنت سعيدا ذات يوم بالنظر إلى رئيسها باعتباره زعيما للعالم الحر. ولكن الأمر لم يعد كذلك الآن. أين القيم الأمريكية التى كنت معجبا بها فى الماضى؟».
• • •
يضيف كاتب المقال: ينفذ ترامب الآن أوامر بوتين ويبدو عازما على وضع الولايات المتحدة فى فلك روسيا. ففى الأسبوع الماضى، التقى مسئولون من إدارة ترامب بمسئولين روس فى الرياض. وناقش الجانبان مسألة أوكرانيا، مع استبعاد الجانبين؛ الأوكرانى خصوصا والأوروبى عموما. وهناك توقعات بتبنى موقف روسيا إزاء الحرب. وهذا سيكون غريبا، فلقد قمت بتغطية الحرب فى أوكرانيا، وزرت غرف التعذيب الروسية، وأجريت مقابلات مع أطفال أوكرانيين تم تهريبهم إلى روسيا من قبل الغزاة. وأتمنى لو كان لدى ترامب ومساعديه جزء ضئيل من شجاعة امرأة أوكرانية أجريت مقابلة معها فى عام 2022، ألا كوزنيتسوفا، رفضت الاستسلام حتى عندما تعرضت للصدمات الكهربائية والضرب بالكابلات وحتى الاغتصاب المتكرر من قبل المحققين الروس. قالت لى حينها: «نحن ممتنون للأمريكيين، لكننا نطلب منهم فقط ألا يتركونا فى منتصف الطريق. لا تتركونا وحدنا». ومع ذلك، يبدو ترامب الآن مستعدًا للتخلى عن أبطال مثلها. إنه استرضاء من النوع الأكثر جبنا.
يستكمل الكاتب: هاجم نائب الرئيس، جيه دى فانس، الدول الأوروبية فى خطاب ألقاه فى مؤتمر ميونيخ للأمن، ثم التقى بزعيم حزب البديل من أجل ألمانيا، اليمينى المتطرف، الذى يعتبر من نسل النازية. لذا من الصعب أن نتجنب الانطباع بأن إدارة ترامب تعمل على تقويض الديمقراطية ليس فقط فى الداخل بل وأيضا فى أوروبا.
ترامب محق فى نقطة أساسية، إذ يتعين على أوروبا أن تساهم بشكل أكبر فى الدفاع عن نفسها، بدلا من الاعتماد على ضرائب الشعب الأمريكى. فأوروبا غنية بالسكان بما يكفى وقادرة على التعامل مع روسيا بمفردها، إلا أن ترامب بدلا من أن يدير عملية انتقالية لهذا الانفصال، يوشك أن يتحول إلى الجانب الآخر (روسيا).
فى الآونة الأخيرة، انحازت إدارة ترامب إلى جانب موسكو فى قضية تلو الأخرى، طالبت أوكرانيا بالتنازل عن أراضيها، وبعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى (الناتو)، كما يجب عليها إجراء انتخابات جديدة. حتى أن ترامب اقترح إعادة روسيا إلى مجموعة الدول السبع. ترامب تبنى هذه المواقف - التى تبناها بوتين بالمناسبة - دون أن يتفاوض فى المقابل. رغم أن الدبلوماسية قائمة على الأخذ والعطاء.
• • •
يؤكد كاتب المقال أن نهج ترامب فى التعامل مع العلاقات الدولية يعزز موقف روسيا بطرق أخرى. فمطالباته بالحصول على أراض من بنما وجرينلاند وكندا تعزز الموقف الروسى القائل بأن القوى الكبرى قادرة على الاستيلاء على كل ما تريد. إن الخطر يتجاوز أوروبا. ولعل أعظم كابوس للعلاقات الدولية فى السنوات المقبلة سيكون نشوب حرب بين الولايات المتحدة والصين، تبدأ بالقرب من تايوان أو فى بحر الصين الجنوبى.
يختتم الكاتب مقاله: نجح الرئيس جو بايدن فى ردع العدوان الصينى من خلال العمل بشكل وثيق مع الحلفاء فى آسيا وتوضيح أن روسيا تدفع ثمنا باهظا لغزوها لأوكرانيا. وإذا سمح ترامب لروسيا بالفوز وأدى أيضًا إلى تدهور العلاقات مع حلفائنا، فمن المرجح أن تتحرك الصين نحو تايوان. لذا يتعين علينا أن نستعد لعالم أكثر خطورة.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:
https://rb.gy/u0xrtk