كي لا تتحول غزة إلى العراق - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:59 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كي لا تتحول غزة إلى العراق

نشر فى : الإثنين 23 أكتوبر 2023 - 6:50 م | آخر تحديث : الإثنين 23 أكتوبر 2023 - 6:50 م
فائض المصطلحات العسكرية فى النقاش الإسرائيلى يدفع إلى وصف جزئى لإسقاطات العملية العسكرية المتوقعة فى قطاع غزة. الخطوة المخطّط لها ليست «مناورة» فقط، أو «دخولا بريا»، إنما خطوة بحجم تاريخى، فيها إمكانات لصوغ النظام السياسى الفلسطينى وتداعيات عميقة على الساحة الإقليمية.
لذلك، من الضرورى تحليل تفاصيل التفاصيل، وليس مجرد مصطلح غامض، كـ «تفكيك حماس»، بل التفكير العميق أيضا فى اليوم التالى. دخول عسكرى واسع إلى غزة من دون تخطيط كهذا، يمكن أن يسجن إسرائيل فى واقع لا يقل سوءا عن 7 أكتوبر: بدءا من سيطرة مستمرة على القطاع، وصولا إلى نشوء فراغ حكومى يمكن أن تملأه جهات متطرفة من مناطق مختلفة فى الشرق الأوسط.
أولا، من الضرورى معرفة القطاع بشكل عميق، فهو إحدى أكثر المناطق كثافةً سكانية فى العالم، وهو مجتمع صغير يعتمد على المساعدات الخارجية بالكامل (70% منهم لاجئون)، مجتمع فتى جدا (67% تحت الـ30 عاما)، مع بنى مدنية متداعية وجيش شاب تم غسل دماغه تحت حُكم «حماس» التى زرعت فى الوعى كراهية كبيرة لإسرائيل، وأصبحت الحرب روتين حياة هذا المجتمع. فى هذه المنطقة، من الممكن أن يتم صوغ ترتيبات سياسية جديدة، لكن لا يمكن تغيير الوعى، وهو ما فشل الأمريكيون فيه خلال تجربتهم المرّة فى أفغانستان والعراق. الخلاصة، أنه لا يجب الغرق فى الوحل الغزى، بل وضع أهداف واقعية من دون أوهام.
وفى إطار الخيارات بين البدائل الاستراتيجية السيئة الموجودة أمام إسرائيل، يجب التفكير فى صوغ ترتيبات جديدة لها علاقة بالسلطة الفلسطينية، يبدو أن هذه الفكرة برزت فى الأسبوع الأخير بين إسرائيل والمسئولين فى الإدارة الأمريكية. الحديث يدور عن إدارة مدنية محلية تقوم على خراب «حماس»، وعلى الهدم المادى الواسع للقطاع. هذه الإدارة ستُشكَّل من بلديات وسلطات محلية وعشائر ومنظمات غير حكومية و«فتح» فى القطاع، ويمكن أن تكون عنوانا للإدارة المدنية واستقبال المساعدات الاقتصادية.
يجب تحليل هذا السيناريو بدقة، والشك فيه، والتذكر أنه البديل الأقل سوءا بين البدائل الموجودة أمام إسرائيل. سيكون هناك عوائق كثيرة أمامه: أشك فى أن يكون لدى السلطة وأجهزتها القدرة، أو الرغبة فى الانتشار فى القطاع؛ من غير الواضح ما إذا كان الجمهور فى غزة سيستقبلها بالترحاب؛ ومن المرجح أن تعمل جهات محلية ضدها بالقوة، ومن ضمنها «حماس»، ومن غير الواضح الحافز الذى سيكون لدى مَن يترأس مثل هذه الإدارة المحلية ــ المدنية.
الأمر يحتاج إلى استعدادات منذ الآن. بدءا من رصد الجهات المحلية التى يمكنها الاندماج فى الإدارة المحلية، مرورا بإجراء اتصالات بالسلطة الفلسطينية منذ الآن، وصولا إلى حوار مع جهات خارجية ضرورية من أجل الدفع قدما بالفكرة، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية ومصر ودول أُخرى، كالسعودية والإمارات، وهى جهات يجب أن تكون مؤثرة ومستثمِرة فى القطاع، بدلا من قطر، المقربة من «حماس».
فى جميع السيناريوهات، سيكون من الضرورى صوغ ترتيب معين، وسيطرة ورقابة جديدة على الحدود مع غزة. هذا أيضا درس مهم لكل حوار مستقبلى فى الضفة: من الضرورى أن تسيطر إسرائيل فى كل سيناريو على غور الأردن، وبذلك، تمنع تهديدات عسكرية كتلك التى تطورت فى غزة.
عدم وجود خطة منظمة وتحضيرات مسبقة مفصلة بشأن اليوم التالى، سيشير إلى أن إسرائيل لم تتعلم شيئا من الفجوات الحادة التى كانت موجودة فى كل ما يخص رؤية «حماس» والتعامل معها حتى اندلاع الحرب، والأسوأ ــ عودة متوقعة إلى أخطاء الماضى.

ميخائيل ميلشتاين
جنرال السابق فى الاستخبارات العسكرية
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
التعليقات