الأغلبية الصامتة - شيرين شمس الدين - بوابة الشروق
السبت 5 أكتوبر 2024 12:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأغلبية الصامتة

نشر فى : الجمعة 25 مارس 2011 - 1:53 م | آخر تحديث : الجمعة 25 مارس 2011 - 1:53 م

 انتكاسة، كلمة ألحت علىَّ بشدة حينما اطلعت على نتائج استفتاء التاسع عشر من مارس على التعديلات الدستورية التى أيدها 77.2% ممن أدلوا بصوتهم، ولعله وصف دقيق لما قد يصيب عملية التحول الديمقراطى الناشئة فى مصر. انتكاسة تماما كالتى تصيب المريض الذى بدأ فى التماثل للشفاء ودبت فيه الروح بعد سنوات من الصراع مع المرض، إلا أن تسرع المريض ورغبته فى العودة لحياته الطبيعية أو ربما قلة وعيه أدت به إلى انتكاسة قد توقع به من جديد فى براثن المرض اللعين.

لن تتناول هذه السطور التعبئة باسم الدين من قبل بعض القوى السياسية لحسم نتيجة الاستفتاء لصالحها بل ستتناول السلوك الانتخابى «للأغلبية الصامتة»، أى للسواد الأعظم من الشعب المصرى الذى لم يسبق أن أدلى بصوته فى أى من الانتخابات السابقة، غير المنتمى لأى من الأحزاب أو التيارات السياسية والذى لم يشارك فى مظاهرات ميدان التحرير بل اكتفى بمتابعتها عبر شاشات التلفاز.

تلك الأغلبية الصامتة التى بالرغم من ضجرها وضيقها الشديد من حكم الرئيس مبارك لم تثر عليه حفاظا على الاستقرار وخوفا من التغيير غير المأمون العواقب. لنفس تلك الأسباب خرجت تلك الأغلبية عن صمتها وهو فى حد ذاته شىء إيجابى فى التاسع عشر من مارس وأيدت التعديلات المطروحة، ليس إيمانا منها بمحتوى التعديلات ولكن إيثارا للسلامة ورغبة فى مواصلة حياتها الطبيعية بتفاصيلها الدقيقة.

بل الأدهى من ذلك أن البعض أيد التعديلات حرصا على عدم المساس بالمادة الثانية من دستور 1971 التى تجعل من الإسلام دينا للدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وهو ما لم تتناوله المواد المطروحة للتعديل من قريب أو بعيد، مما يدل على أن قطاعا واسعا من الأغلبية الصامتة لم يقرأ التعديلات بل أيدها بناء على المتداول من شائعات. وهذا مؤشر خطير فلا نستطيع تحديد مصير أمة بالاعتماد على ما «سمع» وما «قاله البعض» أو حتى حفاظا على الاستقرار، فتلك الخيارات لم تؤد فى الماضى إلا لتكريس الاستبداد وتقوية شوكته ولفساد أزكمت رائحته الأنوف. بل تحتاج المرحلة الانتقالية المقبلة لمزيد من الوعى ولقراءة متأنية لبرامج الأحزاب والشخصيات المرشحة للانتخابات لاختيار الأصلح منها بناء على معايير موضوعية.


على أى حال ليس أمامنا خيار سوى الامتثال لإرادة الأغلبية واحترامها كما تقتضى قواعد اللعبة الديمقراطية ويبقى الملاذ الوحيد لحماية مكتسبات الثورة هو الأخذ بنظام القائمة النسبية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة لضمان تمثيل جميع القوى السياسية بما فيها الأحزاب حديثة الولادة، فإقصاء شباب الثورة بعدما بذلوه من جهد وأرواح هو بداية سيئة للتحول الديمقراطى فى مصر بل هو خطأ تاريخى فادح.

التعليقات