•• أحد الفروق بين مصر وبين أمريكا، أقول أحد الفروق، أنهم أصحاب رؤية فى التخطيط العمرانى، فأنشأوا طرقا شقت الصحراء تحسبا للمائة عام المقبلة، بينما فى مصر أنشأنا مثلاً الساحل الشمالى بلارؤية، غابات أسمنتية، تحتكرها قرى سياحية.. وأنشأنا الطرق برؤية ضيقة، فضاقت بالسيارات، فقمنا ببناء كبارى فوق الطرق ومطالع ومنازل مختنقة دائما، لأنها نهايات طرق سريعة أسست بلا رؤية أيضا؟!
•• هذا مدخلنا للموضوع، فقد إختارت المجموعة التى أسست النادى الأهلى عام 1907 بقيادة عمر لطفى بك موقع مقره الأول فى «منطقة نائية تحيط بها المروج الخضراء خارج القاهرة مناخها صحو».. وهذا الوصف مسجل فى محاضر مجلس إدارة النادى.. أما المقر فهو ما عرف فيما بعد بمقر الأهلى فى الجزيرة، وقد أصبح فى قلب القاهرة وليس خارجها، ومحاصرا بالسيارات وعوادمها.. وكان ذلك فى مطلع القرن العشرين، والطريف أن عدد أعضاء الأهلى نقص كثيرا فى الثلاثينيات حين تم هدم الكوبرى، وأعيد بناؤه فى عهد الملك فؤاد الأول..
•• فى نهاية القرن نفسه أنشأ الأهلى مقره الثانى فى مدينة نصر.. وكانت المنطقة فى نهاية القاهرة، وليس خارجها تماما، ولكنها منطقة خاوية صحراء خالية.. وبعد سنوات قليلة أصبح المقر الثانى محاطا بمجتمع شديد الازدحام.
•• رحلة بناء المقر الثانى للأهلى بدأت فى منتصف السبعينيات من القرن العشرين بالفريق الأول عبدالمحسن كامل مرتجى، رحمه الله، وكان مطروحا الفوز بمقر نادى المعادى الجديدة، واعتبره مجلس الأهلى مكانا بعيدا، وقد أصبح فيما بعد المركز الأوليمبى للمنتخبات الوطنية.. واكمل مسيرة المقر الثانى مجالس إدارات الأهلى التالية، فكان كل مجلس جديد يكمل عمل المجلس الذى يسبقه، وهذا ما يميز الأهلى، أجيال تسلم أجيال، وتبنى لأجيال.
•• قبل أيام حضرت افتتاح مقر الأهلى الثالث فى مدينة الشيخ زايد، ومساحته تقترب من 130 فدانا، وهو الآن يبدو أنه فى منطقة نائية، تحيط بها الرمال الصفراء، وجوها صحو.. لكنها فى غضون سنوات قليلة سينشأ حولها مجتمع كامل، فالأندية مثل الجامعات والمصانع تولد حولها المجتمعات.. وجرى تخطيط المقر الثالث على اعتبار أنه أهلى القرن 21، وسوف يُقام به استاد يواكب العصر، وبه منطقة استثمارية ويسع 60 ألف متفرج.. والمهم أن تكون هناك رؤية للمنطقة بعد نصف قرن من الآن، وكيف ستصل إليها المواصلات العامة، وكيف ستكون مداخل ومخارج الإستاد، وهناك اتجاه لرعاية إحدى الشركات العربية للاستاد والاحتمال الأكبر أن تكون من دولة الإمارات، خاصة أن الاستاد يقع فى مدينة الشيخ زايد.
•• جزء من فكر المستقبل، أن ترتبط الملاعب الفرعية لكرة القدم بالاستاد الرئيسى، وأن يزداد عددها، وأن يقام فى محيط الاستاد فندق لاعبين خمسة نجوم، ويكون ذلك فى إطار خطة استثمارية لإقامة معسكرات عربية وأوروبية فى المقر الثالث.. فإدارة الرياضة عموما باتت مرتبطة بهذا الفكر، وقد أصبحت صناعة عمليا وفعليا فى العالم، وما زالت عندنا صناعة على الأوراق، وفى الندوات، وفى أفواه أمة الكلام..
•• مبروك المقر الثالث.. والمقر الرابع أيضا فى القاهرة الجديدة، ومساحته 50 فدانا، وسيكون جزءا من أهلى هذا القرن.. فى كل قرن يبنى الأهلى ناديين.