ليست جماعة الإخوان وحدها المهددة بتسيد المتردية والنطيحة وما أكل السبع، كما ذهب الشيخ يوسف القرضاوى فى تصريحاته لـ«الشروق»، ومن عندى أضيف الموقوذة والمنخنقة، هذه للأسف هى النوعيات التى يراد لها أن تتصدر المشهد فى مصر الآن، يستوى فى ذلك أحزاب كانت تسمى معارضة، وحزب الحكومة، وأيضا جماعات وحركات المعارضة العفوية، والجماعة الصحفية ليست بمنأى عن المنهج ذاته هى الأخرى.
انظر حولك ودقق جيدا وقل لى كم نطيحة ومتردية و.. و.. صادفت عيناك، شخصيا لا أرى أمامى إلا أضغاث أحزاب، بعضها تردى، وبعضها قذفت بها نطحة واحدة إلى حظائر الاستئناس والطاعة، وأخرى أكلها السبع منذ زمن، غير أنه أبقى على هياكلها كجزء لازم لاستكمال الديكور.
وأعطنى عقلك.. هل سمعت يوما عن رئيس حزب يفترض أنه معارض يعلن تأييده لاسم محمد البرادعى كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية لأن الأخير بنص عبارات رئيس الحزب المنشورة فى «الشروق» أمس «ربما يحصل على ضوء أخضر من الخارج فيدعمه بقوة فى مواجهة مرشح الوطنى»؟
هل تردت النخبة السياسية فى مصر إلى الحد الذى تفضل فيه رئيسا مصريا يستمد قوته من دعم وحماية القوى الخارجية له؟
ثم.. انظر مرة أخرى إلى المشهد، ستجد أحزابا أفرغت من كل الأصوات الحية والمحترمة فيها، باختيارها، أو بإرادة «السبع» فلم يبق على مذاودها إلا النطيحة والمتردية وباقى قائمة الصلاحية المنتهية، وستجد تجمعات وحركات كان مؤملا فيها الكثير تنشغل بصراعات وخناقات صغيرة على أضواء الفلاشات، وتخوض معاركة محتدمة حول الشعار والتشكيل، حتى إذا قدر لها أن تكون على موعد مع مواجهة مشروع التوريث تكون قد وصلت منهكة خائرة القوى، بما يفضى فى النهاية إلى أن يصل قطار المعسكر الآخر إلى حيث يريد.
ومن المعارضة إلى الحكومة وصحافتها لن تختلف الصورة كثيرا، فالذين سخروا من شعار «مايحكمش» المعارض تعاملوا بمنتهى الجدية مع شعار لا يقل فكاهة هو «من أجلك أنت» والذى سارع الأستاذ ممتاز القط إلى الهبوط والتردى به إلى أبعد سفوح الشعبوية فطوره إلى «عشان خاطر عيونك» وهو يزف البشرى إلى القراء بأن «أخبار اليوم» سوف تقوم بتكبير بنط حروفها بشكل غير مسبوق حتى تكون قراءتها أكثر سهولة ويسرا، وكأن الناس تقبل على قراءة ما يريح العين فقط، فيما يذهب ما يخاطب العقل ويريح الضمير إلى الجحيم، ولا أستبعد على المدى المنظور أن تطبع الجريدة كلها بطريقة «برايل»، إذا استمر نزيف قرائها على هذا النحو.
wquandil@shorouknews.com