ساعة الحسم هى الساعة التى يصوت فيها المصريون بقبول أو رفض الدستور «السرى» لجمهورية مصر العربية «القديمة».
أقول الدستور «السرى» لأن النظام الحاكم لم يعطنا حتى الآن أى مسودة نستطيع أن نعلق عليها، وكل التسريبات التى وصلتنا امتلأت بنذر الشر.
الطريقة السرية التى قرر الحاكم أن يصوت بها على الدستور لا معنى لها سوى الشر، فلا معنى لكون الجلسة مغلقة وغير مذاعة سوى ذلك!
إقصاء الأعضاء الاحتياطيين من حضور جلسة التصويت دليل آخر على نوايا الشر.
أما مسألة مصر «القديمة» فتأكد أن ذلك ناتج عن تحيز هذا الدستور لماضى الاستبداد فى مصر، وتنكره لمستقبل الحرية فيها.
البلد ملك أصحاب الخوذات، وما يحدث الآن أن هناك من يحاول تمليك البلد لهم بعقد مسجل يسمى الدستور.
المحاكمات العسكرية ومحاولة خلق وضع جديد لوزير الدفاع فى الدولة، والمساس بالحريات، تجد تبريرات مضحكة، تتجاوز تبرير الإخوان لخطيئاتهم فى الحكم، وكأن الحكم فى مصر لعنة تصيب من يدخلها بداء القتل، ثم داء الكذب، ثم داء التبرير!
المعركة القادمة للثورة المصرية ستكون بالتصويت بلا على الدستور السرى لمصر القديمة، وأنا أقول ذلك قبل أن أقرأ ما سيصدر عن لجنة الخمسين، ليس لسوء ظنى فقط، بل لأن الإجراءات المتخذة، والتعتيم المتعمد لا يمكن أن يخرج لنا سوى مسخا يعيد مصر إلى عهود سابقة يسيطر فيها أمن الحاكم على حريات المحكومين وعلى منظومة الحكم.
سيدعو البعض إلى مقاطعة الاستفتاء، وأعتقد أن تلك الدعوة ستكون طوق نجاة للحاكمين، فبإمكانهم أن يحشدوا أنصارهم لضمان نسبة تصويت مرتفعة بالموافقة، وتبدأ بعدها حملة دولية لتجميل صورة ما حدث فى الثالث من يوليو، وشرعنة أوضاع خاطئة، ومحاولة تعلية البناء القائم أصلا على أساسات واهية.
هناك التزامات شفوية عنترية من رموز النظام برقابة دولية على الاستفتاء والانتخابات، وأغلب ظنى أن الالتزام بهذه الوعود سيكون صعبا، لأن هذا النوع من الإشراف سيمنع التزوير الفج، أو على الأقل سيفضحه، وظنى أن نية التزوير موجودة، لأن عدم مرور الدستور معناه العملى فناء النظام الحالى.
حراك الشارع الآن لا بد أن يتوجه لهذه المعركة المصيرية، ودعوات المقاطعة ستؤسس لشرعية زائفة، ولوضع جديد يبنى على باطل، وهو باطل استقوى بسكوت أهل الحق.
العمل الصحيح الآن هو الحشد للتصويت بلا على هذا الدستور السرى.
حماية الصناديق، وكشف كل تزوير صغير أو كبير مهمة كل من يحب هذا الوطن ويخلص له، ولو أجرى الاستفتاء برقابة محلية وإشراف دولى حقيقى، فلا شك أن هذا الدستور لن يمر.
حين أجرى استفتاء مارس 2011 استغله المجلس العسكرى، وصوّر الأمر على أنه استفتاء على شرعية حكم المجلس للبلاد، وكان ذلك استغلالا مهينا لآليات الديمقراطية، وإذا مر هذا الدستور فسوف يستغل بشكل أسوأ من ذلك مائة مرة.
إنها ساعة من ساعات حسم كثيرة قادمة، والفوز فيها سيعفى الجميع من مخاطر كبيرة، صحيح أنها قد تكون الساعة الأهم، ولكن تأكدوا أن ساعات الحسم كثيرة.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...