لماذا يصر الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى على بهدلة الطالبات المنتقبات فى المحاكم على طريقة الأزواج الذين ينتقمون من مطلقاتهم اللاتى يطالبن بحقوقهن، فيتوعدونهن بأن نجوم السماء أقرب؟
لقد صدر حكم القضاء الإدارى بأحقية المنتقبات فى دخول لجان الامتحان بالنقاب وفى حدود معلوماتى المتواضعة بالقوانين والأحكام فإن الحكم عنوان الحقيقة كما يقولون، سواء كان هذا الحكم صادرا لصالح عنايات أو ميرهان.
ومن ثم لا أستطيع أن أتفهم الإصرار العجيب من الدكتور هلال على أن تأتى كل منتقبة بحكم قضائى خاص بها وحدها كى يسمح لها بدخول الامتحانات، إلا إذا كانت المسألة بالنسبة لوزير التعليم العالى مجرد عناد شخصى ولعبة عض أصابع بينه وبين الطالبات تستحق أن يتحدى بسببها ما قضت به المحكمة الإدارية العليا ويواصل خناقته الصغيرة مع الطالبات.
أزعم أن قضية النقاب برمتها نوع من «الاستهياف» السياسى والإدارى وما كان ينبغى أن تأخذ من الجميع كل هذا الوقت والجهد فى مناقشة مسألة شخصية وفرعية لا تحدد على ضوئها مصائر الشعوب ومستقبل الأمم.
وكان أجدر بوزير التعليم العالى ومستشاريه أن يدخروا طاقتهم لقضايا أهم وأولى بالرعاية من زى الطالبات ومظهرهن، كنت أنتظر من الوزير ومعاونيه مثلا أن يتداعوا إلى مؤتمر عاجل للنظر فى الكارثة التى حلت بمستوى التعليم الجامعى فى مصر فدفعته إلى الوراء خمسائة خطوة وفق التقييم الصينى وألف خطوة وفقا لتصنيفات أوروبية.
كنت أتصور أن الوزير مشغول بمستوى الخريجين أكثر من انشغاله بأزياء الطالبات، حتى وإن كان مظهرهن غير مبهج وغير عصرى فهذه حريتهن الشخصية، وإلا فلا يجب أن نغضب وننتفض حين يحظر الأوروبيون الحجاب فى بلادهم ويقتلون المحجبات فى الحدائق والمحاكم.
غير أن الأهم فى الموضوع هو أننا أمام وزير ترك كل ما يجب الاهتمام به وتفرغ لقضية وحيدة يعتبرها معركة كرامة لا يجب أن تنتهى قبل أن يحقق انتصارا «كبيرا» على الطالبات الصغيرات المنتقبات، ضاربا عرض الحائط بحكم الإدارية العالية وهى أعلى سلطة قضائية فيما يخص القرارات الإدارية، ومتجاهلا آراء فقهاء القضاء الإدارى بأن الحكم فى هذه الحالة واجب التعميم، والأخطر من كل ذلك أن الوزير يبدو سعيدا للغاية بوقف حال الطالبات وتبديد طاقة الجامعات فى أمور أبسط ما توصف به أنها تافهة.
غير أن المحزن فى المسألة أن يتصرف الجالس على كرسى الدكتور طه حسين على طريقة الزوج الغاضب الذى قرر جرجرة مطلقته إلى المحاكم.. عيب.