فوجئت برسالة الكترونية مرسلة من رئيس القسم يقول فيها إن زميلتى الأستاذة الدكتورة فلانة الفلانية لم تعد تعمل فى القسم ولم يعد لها أى منصب إدارى أو أكاديمى بالجامعة من تاريخ كذا.
الاندهاش البادى على وجهى صاحبنى حين سألت زميلا لى: هل قرأت رسالة رئيس القسم بشأن زميلتنا فلانة الفلانية؟
نظر لى بشىء من الحرج وقال لى: نعم، قرأتها.
لماذا تركت زميلتنا الجامعة؟
قال: هى لم تترك الجامعة ولكن الجامعة قررت أن تفصلها من العمل فيها، لماذا؟ قال لى هل تتذكر حين وصلتك رسالة من محقق الجامعة منذ حوالى ثلاثة أشهر تسألك هل كنت فى المكتب الرئيسى للقسم يوم كذا وكذا؟ وهل رأيت شيئا غير عادى؟
قلت له نعم، وما علاقة زميلتنا بهذا السؤال؟
قال زميلى إن أحد المراجعين لاستمارات تقييم الطلبة للأستاذة فى أحد فصول زميلتنا لاحظ أن هناك اختيارات تم مسحها من ورقة التقييم وتم اختيار بدائل أخرى (بمعنى أن بعض الطلبة اختاروا بديلا أن أداء الأستاذة كان ضعيفا وتم مسحه ثم اختيار بديل ممتاز بدلا منه).
وبالتحقيق وبسؤال الطلاب تم إثبات أن عملية تغيير الاجابات تمت بعد أن قام الطلاب بتسليم استمارات التقييم وبالتالى التغيير أو التزوير تم لاحقا. وعليه تم وقفها عن العمل وإحالتها للتحقيق ثم فصلها من قبل مدير الجامعة بناء على توصية عميد الكلية.
انتهت القصة الأمريكية التى تعطى مثالا فى إعلاء معايير النزاهة فى مواجهة الطالب أو الأستاذ غير الأمين.
ماذا عن القصة المصرية؟
بعض أعضاء هيئة التدريس ثبت فى حقهم سرقة أبحاث لزملائهم أو طلابهم، كما أن تزوير انتخابات اتحادات الطلبة، بل الانتخابات العامة من الأمور المستقرة فى حياتنا. ومع ذلك نجد من يقول «نحن لا نتستر على فساد أبدا»، ومنا من يؤكد «أن الانتخابات ليست مزورة،» وهكذا. جزء من المسألة رقمى. فلا شك أن كل مجتمع به نسبة من الفساد، لكن هناك من فساده عند إخمص القدمين، وهناك من فساده عند الركب، وهناك من فساده أزكم الأنوف. والمسألة تتوقف جزئيا على رؤية ودور من يدير الحياة العامة ويحدد أجندة المجتمع.
على الأقل فى جامعتى التى أعمل بها فى الخارج هناك سياسة «صفر تسامح» أى (zero tolerance) مع الفساد، لكن يبدو أنهم يقولون ما يعنون ويعنون ما يقولون. «وما ربك بظلام للعبيد».