أسألكم: كم مرة تحدثنا عن المذيع المشجع لفريق ويتبنى وجهات نظره وقضاياه ظالما أو مظلوما فى إخلال فج بقواعد العمل الإعلامى، وكم مرة تحدثنا عن مقدم البرامج الذى يستخدم لغة السباب والتجريح ضد أشخاص وشخصيات بسلاح لا يملك مثله من ينتقده، فى خلط مؤسف بين الصراحة والوقاحة.. كم مرة تحدثت عن المعلق الذى يكره الصمت ولا يتوقف عن الكلام، وعن المعلق المحلل والمجامل الذى يشكر الجميع بلا سبب حتى أصبح أداء أقل عمل، يقدر بأنه جهد خرافى وإبداع.. فلم يعد هناك من يؤدى عمله باحتراف حقيقى.. كم مرة تحدثنا عن الرسالة الإعلامية..
وعن أن هذا العمل ليس وظيفة بقدر ما هو رسالة ودور اجتماعى.. وكم مرة تحدثنا عن الجمع بين العمل الإعلامى والعمل التطوعى؟!.. لقد فعلت ذلك من 20 أو 25 عاما قبل ظهور القنوات والبرامج.. برفضى القاطع لجمع الصحفى الرياضى بين العمل التطوعى وبين المهنة.
< إذن هو ليس موقفا شخصيا من أحد أو من زميل، ولا موقفا مضادا لبرنامج أو لقناة.. وإنما هى قضية مبدأ.. فكيف يتكلم مدرب يعمل فى الدورى الممتاز ويقود أحد الفرق عن زميل له يقوم بنفس العمل وينتقد مستوى فريقه وأساليب لعبه، ثم يترك الاستوديو وينتقل إلى خط الملعب ليقود فريقه فى مباراة ويقع فى أخطاء أكبر وأسوأ من تلك التى تحدث فيها عن زميله.. كيف يحدث ذلك ويكون مهضوما ومقبولا.. أو كيف يظنون أن الجمهور والمشاهد يقبل بهذا الخلط؟
< ثم ما معنى أن يعمل الصحفى الرياضى فى اتحاد أى لعبة.. وما الهدف من ذلك.. هل من أجل تغطية أخبار الاتحاد بتوسع؟ هل حبا فى اللعبة.. وإذا كان يحب اللعبة أكثر من مهنته، فلماذا لا يترك المهنة..؟
قبل أن يذكرنى أحد.. قلت هذا الرأى لأقرب الناس لى، وأهمهم عندى وكان من جيل لا يصعد بمصالحه على أكتاف العمل التطوعى، ولا يهوى المناصب ويراها وجاهة اجتماعية.. كان جيلا رياضيا بحق.. وهناك الآن أسماء تجمع بين الصحافة والعمل التطوعى وأسماء تجمع بين الإعلام وبين التطوع، وأسماء تجمع بين عملين احترافيين.. ولا أظنه يعدل بينهما..
< القضية إذن تتعلق بمبدأ، ولا تحلها اللوائح أو القواعد والنصوص، كفانا نصوصا ولوائح ومواد تخترق وتحرق فوق أوراقها.. فالقرار أولا وأخيرا يعود إلى الشخص نفسه، إلى ضميره الإنسانى وضميره المهنى.. وتقديره الخاص والشخصى لدوره وأهميته وكيف يمكن أن يراه جمهوره.. وعليه أن يدرك أن الناس ترى تضارب المصالح وتشعر بالمجاملة، والنفاق، وأن الكاميرا تكشف ما فى داخل النفس، وأن الكلمة لها رائحة، يفوح منها الطيب والعام بقدر ما يفوح منها الخبيث والخاص..
يدهشكم ويدهشنى أننا نتحدث سنوات عن قضايا لا تحتمل الخلاف.. فتضارب المصالح يدفع الإنسان إلى الترفع، وإلى درء الشك فى الغرض والمصلحة خاصة فى مجتمع يقوم على الشك قبل اليقين.. كيف تمضى بنا الأعوام ونحن نناقش بديهيات دون أن نصل إلى حلول.. لقد انقطعت أنفاسنا من تكرار نفس الكلام، ومن الأذان فى قبرص خمس مرات يوميا؟!