هل بدأت حرب الأعصاب بين الحكومة ومافيا التجار بعد إعلان وزير التموين عن قرب تطبيق التسعيرة الجبرية إذا لم يستجب التجار لدعوة الحكومة لتخفيض الأسعار.. المؤكد أنها لعبة كبيرة بين طرفين يمتلك كلاهما عدة أدوات، لكن الأداء العام للدولة المصرية يشى برغبة حكومية باستعادة هيبة الدولة وبسط نفوذها، ظهر ذلك جليا فى عملياتها الأمنية وملاحقة بعض المجرمين والإرهابيين، وكذلك فى عمليات هدم المبانى على الأراضى الزراعية والقضاء على العشوائيات داخل محطات مترو الأنفاق.
نعود إلى التسعيرة الجبرية، وعندما نعرف أن التجار هددوا بأنه حال فرض الحكومة للتسعيرة فسوف يسرحون العمال ويغلقون متاجرهم، بهدف لى ذراع الحكومة، ولا نعرف لماذا لم يكن هناك نقطة تلاق بين الطرفين، والمثير للحزن أن نعرف أن الحكومة سبق وأن ناشدت الغرف التجارية وكبار التجار بتحديد سقف للربح بهامش معقول ومعروف عالميا وهو 30% للسلع والمواد الغذائية و35% للمواد التعدينية وهكذا، لكن التجار رفضوا لأن هامش الربح الذى يحصدونه الآن لا مثيل له فى أى دولة محترمة فى العالم، حيث يتجاوز 300 وأحيانا 400% (مثال توضيحى: كيلو البامية تسليم الحقل 3,5 جنيه بينما يباع للمستهلك بنحو 14 جنيها) وقس على ذلك.
تقديرى أن الحكومة ينبغى أن تمتلك حزمة من الأدوات والإجراءات تعزز بها رغبتها وعزمها على ضبط الأسواق، مثل فتح شوادر ضخمة فى ميادين محافظات الجمهورية بهدف البيع المباشر للجمهور وبأسعار أقل من التجار، وفى هذه الحالة يحدث توازن سعرى مما سيجبر التاجر على تخفيض هامش ربحه الضخم، وهنا ندعو الحكومة إلى استبعاد الحلول الأمنية العقيمة وكذلك حملات تفتيش ورقابة بعض موظفى الدولة على الأسواق، بسبب انتشار الفساد والرشاوى، مما لن يحقق معه الهدف المرجو.
نتمنى أيضا فى هذا السياق أن تنشط جمعيات حماية حقوق المستهلك عبر نشر حملات توعية كبيرة وشاملة، من خلال جميع وسائل الإعلام وتحديدا الفضائيات، كما يمكن توفير أرقام هاتفية لتواصل المواطنين معهم حال تعرضهم لأى نوع من أنواع الاستغلال لدى المتاجر.
على الجانب الآخر، فإن الحكومة مطالبة أيضا بمراقبة جميع أنواع السلع المستوردة من الخارج، حيث لاتزال أسعارها مرتفعة رغم تراجع سعر صرف الدولار فى الأسواق السوداء، (انخفض الدولار مقابل الجنيه من 8,5 إلى 7,1 حاليا)، ورغم هذا التراجع الكبير فى أسعار صرف العملات الأجنبية، فإن المستوردين لا يريدون تخفيض أسعارهم ويبحثون عن تحقيق أرباح فاحشة دون وجه حق، لقناعتهم بأن يد الدولة لاتزال ضعيفة ولن تستطيع أن تكبح جماح فسادهم.
أرجو أن تلقى نظرة سريعة على أسعار السيارات والأجهزة الكهربائية كى تعرف حجم الفساد والأرباح غير المسئولة لدى المستوردين، المعنى أن قضية الأسعار متعددة الجوانب وحتى ننجح فى تحقيق الهدف الرئيسى منها فإنه ينبغى مراقبة جميع الأسواق ونشر حملات التوعية للمواطنين مع استمرار الحوار مع الغرف التجارية.
يارب الأسعار تنزل.. قولوا آمين