إلى أمهات الشهداء فى مصر والثورات العربية الشقيقة: نبوس الأرض تحت أقدامكن ونقول كل عام وأنتن أمهات الصغير وأخوات الكبير فينا، من أم خالد سعيد أول شهداء الثورة المصرية بالإسكندرية، وحتى أم محمد محسن آخر شهدائها بأسوان فى موقعة العباسية والذى لا يريدون الاعتراف به شهيدا بعد، مرورا بأجمل أمهات لأنبل شهداء فى تونس وليبيا واليمن وسوريا والبحرين.
وبعد التحية والسلام على الشهداء، الذين هم أحياء عند ربهم، نقول إن عيدنا هذا العام أجمل وأرقى، برغم كل المنغصات والمشاكل، ويكفى أننا لم «نصطبح» فيه بتلك الوجوه البلاستيكية التى كانت تفزعنا عبر الشاشات وهى تؤدى حركات صلاة العيد من الاسماعيلية على الهواء مباشرة، وتركز فى الكاميرات بأكثر مما تركز فى الصلاة أو معانى العيد.
يكفى أنه عيد بدون مبارك وباقى أفراد العصابة، على الرغم من أنه يأتى ومازال هناك مئات بل آلاف رهن التحقيقات والسجون العسكرية، ورغم أن هناك شابا مصريا اسمه مايكل نبيل لايزال قابعا خلف الأسوار بين الحياة والموت، منتظرا قرارا بالإفراج عنه أو إعادة محاكمته، فى قضية رأى.
هو عيد أجمل رغم أن قوات الأمن لاتزال تتمركز فى صينية ميدان التحرير بكثافة وكأن أمن مصر القومى يبدأ وينتهى داخل حدود هذه الصينية، أو كأن شباب الثورة ليسوا سوى مجموعة من الأوغاد المتربصين بالصينية لإعادة احتلالها.
كان العيد مختلفا وأكثر رقيا، حيث استطاع الآلاف دخول ميدان التحرير مرة أخرى والتجمع وأداء الصلاة فيه، وإن كان لم يسمح لهم بأن تطأ أقدامهم نجيلة الصينية.
غير أن الخلاف حول الصينية لا ينبغى أن يفسد للعيد فرحة، رغم أنه خلاف لا محل له من الإعراب ويفتقد لأى وجاهة أو منطق، وإن كنت أتمنى أن تسمح القوات المتمركزة فى الميدان للمواطنين بزيارة الصينية، التى أخشى أن يأتى يوم ويصبح دخولها مثل دخول حدائق القناطر الخيرية والمتحف المصرى، إما بتذاكر ورسوم او بتصريح خاص أو تأشيرة دخول من السلطات المختصة.
وحقيقة لا أفهم سر احتدام الخلاف بين طرفى الثورة حول صينية ميدان التحرير إلى هذه الدرجة، وكأنها جزيرة متنازع عليها بين قوتين إقليميتين، كل منهما تريد أن تمارس سيادتها عليها، على الرغم من أن الثورة لمصر والميدان للجميع.
وأمام حالة الحنين الجارف من قوى الثورة لزيارة الصينية، فى مقابل التشدد الذى لا يلين من القوات المسيطرة عليها فى منع كل من تسول له قدماه الاقتراب منها، أقترح فتح الصينية للجمهور بتذاكر طوال هذه الأيام المفترجة كهدية إلى الشعب المصرى ممن بيدهم مقاليد الأمور بمناسبة العيد، وإتاحة الفرصة لشركات السياحة لتنظيم رحلات اليوم الواحد إليها، وهذا من ناحية يمنح بعض الهواء لعجلة الإنتاج النائمة، وينعش السياحة الداخلية، ومن ناحية أخرى يخفف حدة الاحتقان بين كل الأطراف.
كل عام ومصر أفضل وأكبر وأعقل.