●● الظواهر الطبيعية من آيات الله.. وكثير من الناس لديهم شغف بمتابعتها، وقد جلست أتابع نشرة الأخبار الجوية فى محطة سى.إن.إن الأمريكية وهى تحذر الذين يقيمون فى الشاطئ الشرقى من مخاطر إعصار إيرين.. وقال قارئ النشرة: «سوف يخدعكم ضعف قوة الرياح، لكن حذار من الفيضانات، فهذا الإعصار سوف يترك آثارا مدمرة..» وتحدث الرجل بخبرة حقيقية وبعلم واسع عن درجة الإعصار وخط سيره وسرعته، وكان يحدد موعد وصوله إلى مدن الساحل الشرقى.. كان يتحدث باحتراف، فعمله الذى يتفرغ له بالكامل هو متابعة الأرصاد الجوية وقراءتها للمشاهدين.. وهذا الاحتراف لا علاقة له بالمال والإمكانات والقدرات، فإتقان العمل واجب مهنى، ومسئولية، وبدون هذا الإتقان يفقد الإنسان هناك وظيفته بينما يمكن أن يكون إنسان معطلا للعمل، ولا يمكن أبدا أن يفقد وظيفته، وأزيد بأنه يحصل على أرباح ويطالب بها كحق.. وأحدهم ترجم النجاح الذى يعتمد على السوقية والسفالة والانحطاط بنسبة المشاهدة.. ونسى أن الأراجوز والراقصة أيضا يمكنهما جلب عدد هائل من المشاهدين.. هكذا يقيمون النجاح هنا.. للأسف.
●●نشرة أخبارنا الجوية مكررة لا تجد فيها أى معلومة جديدة، لأنه لا أحد يبذل أى جهد.. فكلها عن درجات الحرارة المتوقعة واتجاهات الضغط الجوى ومستوى ارتفاع أمواج البحر. ولا أطالب أحدا بأن تخصص طائرات لاختراق الأعصاير وتقديم معلومات للناس وقت الكوارث والأخطار.. ولكننا نطالب ببذل بعض الجهد العلمى وتوخى الدقة.. وتقدير أهمية قراءة حالة الطقس ودرجات الحرارة لبعض المواطنين.. وأذكر أنه حين كانت محطة سى. إن. إن تتابع إعصار إيرين، وتشير إلى سرعته ودرجته، كان قارئ نشرة فى «راديو مصر» يقول إن سرعة إيرين 750 كيلومترا فى الساعة.. وهى سرعة مستحيلة طبعا، فهو من الدرجة الأولى، وسرعته فى المتوسط 100 كيلومتر أما أقوى وأكبر درجات الأعاصير فهى من الدرجة الخامسة وسرعته لا تتجاوز 300 كيلومتر فى الساعة.. إذن قارئ نشرتنا كان يتحدث عن صاروخ عابر للقارات أو طائرة تقترب سرعتها من سرعة الصوت ولم تعرف البشرية بعد إعصارا بهذه القوة وبتلك السرعة.. لكنه منطق عدم الدقة وطريقة: يعنى حد فاهم حاجة؟!
●●ربما أجد العذر لمن وقع فى هذا الخطأ، فسرعة الإعصار كانت 75 ميلا فى الساعة، وهو قرأ الرقم خطأ وأضاف هذا الصفر، إلا أن الخطأ تكرر عدة مرات قبل أن يراجع ويصحح احتراما لمن يسمع ولعل منهم من كان مسافرا إلى نيويورك وظن أنه سيذهب إليها ولن يجدها.
●●طوال 60 عاما ونحن نمتلك نشرة أخبار تعد نموذجا لنشرات الأخبار العربية السقيمة البليدة المملة جدا والموجهة إلى الزعيم.. فكلها نشرات تبدأ بأن الرئيس أو الملك قال أو صرح أو استقبل أو أعطى توجيهاته، ويليها خبر عن أحد أفراد العائلة ثم خبر عن رئيس الوزراء، ثم خبر عن وزراء بترتيب الأهمية.. ويمكن لقارئ نشرة الأخبار فى محيطنا العربى أن ينهى نشرته بخبر ثانوى من وجهة نظرة ونظر الزعماء: «اندلعت منذ قليل الحرب العالمية الثالثة وخرجت عشرات الصواريخ النووية من مواقعها.. إنها نهاية العالم.. عاش الزعيم؟!